للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحجور عليه للدين، أما من يراه ماسا بأهليته من الفقهاء فهو عندهم شرط‍ صحة.

(أنظر مصطلح حجر ومصطلح تبرع).

كما يشترط‍ فيه أن يكون ذا ولاية فى إبرائه كأن يكون هو الدائن أو وصيا على الدائن وقد وجب الدين المبرأ منه أثرا لعقد باشره عنه فعند ذلك تصح براءته ويضمن ما أبرأ المدين منه، ولكن إذا كان الدين لم يجب أثرا لعقده لم يصح إبراؤه.

وأما ما يرجع إلى الصيغة فهو أن تكون دالة دلالة ظاهرة غير محتملة على تمليك الحق للمدين أو على سقوطه.

وأما ما يرجع إلى المدين المبرأ فهو أن يكون معلوما غير مجهول، فاذا كان مجهولا لم يصح إبراؤه، كما لو قال شخص:

أبرأت كل مدين لى، أو كل مدين لمورثى، أو أبرأت أحد هذين. ولكن إذا كان من أبرأه الدائن محصورا معلوما، كأبرأت هؤلاء المدينين لى صح الإبراء. وقد ذهب إلى اشتراط‍ هذا الشرط‍ فى المبرأ الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية.

ومن الفقهاء الحنابلة من ذهب إلى أن الدائن إذا قال: أبرأت أحد غريمى هذين صح الإبراء وطلب إليه التبيين والبيان.

ولكن جاء فى كشاف القناع أن المذهب عدم صحة الإبراء مع إبهام المحل، كأبرأت أحد غريمى هذين أو أبرأت فلانا من أحد دينى اللذين فى ذمته.

والشافعية لا يرون صحه الإبراء مع جهالة المدين المبرأ لغلبة معنى التمليك فيه ولا يملك المجهول وعلى هذا لا يصح الإبراء ولو كان بصيغة إقرار إذا ما قال الدائن: لا دين لى قبل أحد. أو قال: كل مدين لى فهو برئ إلا أن يتبين أنه يقصد بذلك شخصا بعينه (١).

ويشترط‍ الزيدية مع ما تقدم خلو الإبراء من التدليس فإذا أفهم شخص دائنه بأن ما عليه من الدين حقير تافه فأبرأه منه بناء على ذلك ثم تبين خلاف ذلك للدائن لم يصح إبرأؤه لغلبة معنى التمليك فيه.

وأما ما يرجع الى الحق موضوع الايراء فهو ما يأتى:

أولا: ألا يكون عينا من الأعيان، والأعيان المشخصة لا تثبت فى الذمة فلا تقبل الإسقاط‍ وإنما يقبل الإسقاط‍ ما يشغل الذمم من الحقوق ولذا كان الإبراء من الأعيان المشخصة باطلا. أما ما كان من الإعيان دينا فإنه يقبل الإبراء إذ أنه يقبل الإسقاط‍ كالديات من الإبل مثلا ونحو ذلك وعلى ذلك إذا غصب شخص كتابا فأبرأه منه مالك الكتاب كان إبرأء باطلا لا يترتب عليه أثر … وعلى ذلك صح الإبراء عن الديون بأنواعها.

وصح الإبراء عن الدعوى لانها حق فإذا قال المدعى للمدعى عليه أبرأتك من أدعاء هذه العين أو من دعواى هذه العين لم تقبل له فيها دعوى ملك بعد ذلك «مجمع الانهر» وكذلك يصح إبراء الدائن الكفيل من الكفالة وإبراؤه المحال عليه من الحوالة إذ البراءة فيهما تنصب على حق هو الكفالة أو الحوالة.


(١) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٤٧٨ طبعة المطبعة الشرفية الأشباه للسيوطى ص ١٨٧.
جامع الفصولين المطبعة الأزهرية سنة ١٣٠٠ هـ‍ ج‍ ١ ص ١٢٥ وما بعدها.