أظهروا الخلافة ونكثوا البيعة وركبوا عليك قتل عثمان وتبعهم على ذلك كثير من الناس من طغامهم وأوباشهم .. ثم مر عبد الله بن أبى السرج في أربعين راكبا من أولاد الطلقاء من بنى أمية نقلت لهم وعرفت الفكر في وجوههم ..
أبمعاوية تلحقون؟.
عداوة والله منكم ظاهرة غير مستنكرة تريدون بها إطفاء نور الله وتغيير أمر الله .. فأسمعنى القوم وأسمعتهم ثم قدمت مكة فسمعت أهلها يتحدثون أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة واليمامة فأصاب ما شاء من أموالهما ثم انكفأ راجعا إلى الشام ..
فأف لحياة في زمن جرأ عليك الضحاك .. وما الضحاك إلا نقع يفر مرة (مثل في الحقارة) فظننت حين بلغنى ذلك "أن أنصارك خذلوك فاكتب إلى يا ابن أمى برأيك وأمرك .. فإن كنت الموت تريد حملت إليك بنى أخيك وولد أبيك فعشنا ما عشت ومتنا معك إذا مت فوالله ما أحب أن أبقى بعدك ..
فكتب إلينا أمير المؤمنين على - رضى الله عنه - يقول له:
"أما بعد يا أخى:
فكلأك الله كلاءة من يخشاه .. إنه حميد مجيد .. قم عليّ عبد الرحمن الأزدى بكتابك أنك لقيت ابن أبي سرح في أربعين من أبناء الطلقاء من بنى أمية متوجهين إلى المغرب. وابن أبي سرح - يا أخى - طالما كاد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصد عن كتابه وسنته وبناها عوجًا .. فدع ابن أبي سرح وقريشا وتراكضهم في الضلال .. فإن قريشا اجتمعت على حرب أخيك اجتماعها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل اليوم وجهلوا حقى وجحدوا فضلى ونصبوا لى الحرب، وجدوا في إطفاء نور اللّه .. اللهم فاجز قريشا عنى بفعالها فقد قطعت رحمى وظاهرت على وسلبتنى سلطان ابن عمى وسلمت ذلك لمن ليس في قرابتى وحقى في الإِسلام وسابقتى التي لا يدعى مثلها مدع إلا أن يدعى ما لا أعرف .. والحمد لله على ذلك كثيرًا .. وأما ما سألت أن أكتب إليك فيه برأيى .. فإن رأيى جهاد المحققين حتى ألقى الله .. لا يزيدنى كثرة الناس حول عزة .. ولا تفرقهم عنى وحشة .. لأنى محق .. والله مع المحق .. وما أكره الموت على الحق لأن الخير كله بعد الموت لمن عقل ودعا إلى الحق ..
وفى نفس الكتاب (١): من كتاب بعث به أمير المؤمنين على - رضى الله عنه - إلى أهل العراق يقول فيه:
أما بعد: فإن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - نذيرا للعالمين وأمينا على التنزيل وشهيدا على هذه الأمة .. وأنتم يا معشر العرب على غير دين .. وفى شر دار تسفكون دماءكم .. وتقتلون أولادكم وتقطعون أرحامكم وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل .. فمن الله عليكم فبعث محمدًا إليكم بلسانكم فكنتم أنتم المؤمنين وكان الرسول فيكم ومنكم تعرفون وجهه ونسبه فعلمكم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض ..
وأمركم بصلة الأرحام وحقن الدماء وإصلاح ذات بينكم .. وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .. فلما استكمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدته من الدنيا توفاه الله وهو مشكور سعيه مرضى عمله، مغفور له ذنبه .. شريف عند الله نَزْلُه .. فيالموته مصيبة خصت الأقربين وعمت المؤمنين ..
فلما تنازع المسلمون الأمر بعده .. فوالله ما كاد يُلْقَى في روعى ولا يخطر على بالى أن العرب تعدل هذا الأمر عنى .. فما راعنى