للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يفطره عند أبى حنفيه ومحمد رحمهما الله تعالى، والحقنة وان كانت مفطرة فالحد لا يلزمه فيما يصل الى جوفه من أسافل البدن، لأن الحد للزجر، والطبع لا يميل الى ذلك (١).

واذا استعط‍ الرجل بالخمر أو اكتحل بها، أو اقتطرها فى أذنه، أو داوى بها جائفة، أو آمة فوصل الى دماغه، فلا حد عليه، لأن وجوب الحد يعتمد على شرب الخمر، وهو بهذه الأفعال لا يصير شاربا، وليس فى طبعه ما يدعوه الى هذه الأفعال، لتقع الحاجة الى شرع الزجر عنها.

ولو عجن دواء بخمر ولته أو جعلها أحد أخلاط‍ الدواء ثم شربها، والدواء هو الغالب فلا حد عليه.

وان كانت الخمر هى الغالبة فانه يحد، لأن المغلوب يصير مستهلكا بالغالب اذا كان من خلاف جنسه والحكم للغالب (٢) ..

ولو عجن الدقيق بالخمر، ثم خبزه كره أكله، لأن الدقيق تنجس بالخمرة والعجين لا يطهر بالخبز فلا يحل أكله.

ولو صب الخمر فى حنطة لم يؤكل منها حتى تغسل، لأنها تنجست بالخمر.

فان غسل الحنطة وطحنها ولم يوجد فيها طعم الخمر ولا ريحها فلا بأس بأكلها، لأن النجاسة كانت على ظاهرها، وقد زالت بالغسل بحيث لم يبق شئ من آثارها فهى وما لو تنجست بدم أو بول سواء.

فان تشرب الخمر فى الحنطة فقد ذكر فى النوادر عن أبى يوسف تغسل ثلاث مرات، وتجفف فى كل مرة فتطهر.

وعند محمد رحمه الله لا تطهر بحال، لأن الغسل انما يزيل ما على ظاهرها.

فأما ما تشرب فيها فلا يستخرج الا بالعصر والعصر فى الحنطة لا يتأتى وهو الى القياس أقرب.

وما قاله أبو يوسف أرفق بالناس لأجل البلوى والضرورة فى جنس هذا ..

ويكره أن تسقى الخمر للدواب، لأنه نوع انتفاع بالخمر واقتراب منها على قصد التمول ولذلك يكره للمسلم أن يسقيها للذمى كما لا يحل له أن يشربها. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخمر ساقيها كما لعن شاربها (٣).

ولو سقى شاة خمرا ثم ذبحت ساعتئذ، فلا بأس بلحمها، وكذلك لو حلب منها اللبن، فلا بأس بشربه لأن الخمر صارت


(١) المرجع السابق لشمس الدين السرخسى ج‍ ٢٤ ص ٣٥ الطبعة السابقة.
(٢) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ٢٤ ص ٢٥، ص ٢٦ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق لشمس الدين السرخسى ج‍ ٢٤ ص ٢٥، ص ٢٦ الطبعة السابقة.