للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريق ليسكن البلد فالأب أحق بالحضانة سواء كان المقيم هو الأب أو المتنقل لأن الأب فى العادة هو الذى يقوم بتأديب الصغير وحفظ‍ نسبه فاذا لم يكن الولد فى بلد الأب ضاع.

قال فى (الهدى) هذا كله بما لم يرد المنتقل بالنقلة مضارة الآخر وانتزاع الولد قريبا أى دون مسافة القصر فالأم أحق مصلحة الولد وان كان البلد المنتقل اليه للسكنى قريبا أى دون مسافة القصر فالأم أحق بالحضانة وان كان السفر بعيدا ولو لحج أو قريبا لحاجة ثم يعود أو كان السفر بعيدا للسكنى لكنه مخوف هو أو الطريق، فالمقيم منهما أولى لأن المسافرة بالطفل اضرار به فان اختلفا فقال الأب سفرى للاقامة وقالت الأم بل سفرك لحاجة وتعود فقوله مع يمينه لانه أدرى بمقصوده.

وان انتقل الأبوان جميعا الى بلد واحد فالأم باقية على حضانتها لعدم ما يسقطها وان أخذه الأب لافتراق البلدين ثم اجتمع الأبوان عادت الى الأم حضانتها لزوال المانع (١).

واذا بلغ الغلام سبع سنين عاقلا واتفق أبواه ان يكون عند أحدهما جاز. وان تنازعا فى حضانته خيره الحاكم بينهما فكان مع من اختار منهما. ولا يخير الغلام بين أبويه قبل سبع سنين فان اختار الغلام أباه كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع من زيارة أمه لما فيه من الاغراء بالعقوق وقطيعة الرحم وان مرض الغلام كانت أمه أحق بتمريضه فى بيتها، لأنه صار بالمرض كالصغير فى الحاجة وان اختار الغلام أمه كان عندها ليلا لأنه وقت السكن وانحياز الرجال الى المنازل ويكون عند أبيه نهارا ليعلمه الصناعة والكتابة ويؤدبه لان ذلك هو القصد فى حفظ‍ الولد.

فان عاد الغلام فاختار الآخر نقل اليه وان عاد فاختار الأول رد اليه هكذا أبدا لان هذا اختيار تشه وقد يشتهى أحدهما فى وقت دون آخر فاتبع بما يشتهيه فان لم يختر أحدهما أو اختارهما أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر ثم ان اختار غير من قدم بالقرعة رد اليه كما لو كان اختاره ابتداء.

ولا يخير الغلام اذا كان أحد أبويه ليس من أهل الحضانة لأن غير الأهل وجوده كعدمه وتعين ان يكون الغلام عند الآخر الذى هو أهل للحضانة كما قبل السبع وان اختار ابن سبع أباه ثم زال عقله رد الى الأم لحاجته الى من يتعاهده كالصغير وبطل اختياره لأنه لا حكم لكلامه والجارية اذا بلغت سبع سنين فأكثر فعند أبيها الى البلوغ وجوبا وبعد البلوغ أيضا عند الأب الى الزفاف وجوبا ولو تبرعت الأم بحضانتها لأن الغرض من الحضانة الحفظ‍ والأب أحفظ‍ لها وانما تخطب منه فوجب ان تكون تحت نظره ليؤمن عليها من دخول النساء لكونها معرضة للآفات لا يؤمن عليها الانخداع لغرتها ولانها اذا بلغت السبع قاربت الصلاحية للتزويج وقد تزوج النبى عليه الصلاة والسّلام عائشة رضى الله عنها وهى بنت سبع ولا يصار الى تخييرها لان الشرع لم يرد به فيها.


(١) المصدر السابق ج‍ ٣ ص ٣٢٩ نفس الطبعة.