وأولى بالحضانة بعد الأم أمهاتها القربى فالقربى لأن ولاتهن محققة.
فهن فى معنى الأم والأقرب أكمل شفقة من الأبعد ثم أب لأنه أقرب من غيره وليس لغيره كمال لشفقته فرجح بها ثم أمهاته ثم جد أب الأب ثم أمهاته.
ولو استؤجرت المرأة للرضاع والحضانة لزماها بالعقد وان استؤجرت للرضاع وأطلق العقد لزمتها الحضانة تبعا للرضاعة كما جاء فى الرعاية الكبرى.
وقيل لا يلزمها سوى الرضاع وقدمه ابن رزين فى شرحه.
وان استؤجرت للحضانة وأطلق العقد لم يلزمها الرضاع قال فى تصحيح الفروع والصواب الرجوع فى ذلك الى العرف والعادة فيعمل بهما.
وان امتنعت الأم أو غيرها من الحضانة أو كانت غير أهل لها انتقلت الى من بعدها كما لو لم تكن ومن أسقط حقه من الحضانة سقط لاعراضه عنه وله العود فى حقه متى شاء لأنه يتجدد بتجدد الزمان كما فى النفقة ولا حضانة للرقيق لعجزه عنها بخدمة سيده ولا حضانة لمن بعضه حر ولو كان بينه وبين سيده مهايأة لأنه لا يملك نفعه الذى تحصل به الكفاءة.
وقال فى الهدى لا دليل على اشتراط الحرية فان كان بعض الطفل رقيقا والحضانة لسيدة وقريبه بمهايأة فالحضانة لهما لأن حضانة الطفل الرقيق لسيده والحرية لقريبه والأولى لسيده أن يقره مع أمه أو نحوها.
ولا حضانة لفاسق ولا لكافر على مسلم ولا لمجنون ولو غير مطبق - ولا لمعتوه ولا لطفل ولا حضانة أيضا لعاجز عنها كأعمى ونحوه واذا كان بالأم برص أو جذام سقط حقها من الحضانة ولا حضانة لامراة مزوجة لأجنبى من الطفل لقوله عليه الصلاة والسّلام «أنت أحق به ان لم تنكحى» ولأنها تشتغل عن حضانته بحق الزوج فتسقط حضانتها من حين العقد لانها بالعقد ملك منافعها واستحق زوجها منعها من الحضانة فسقطت حضانتها.
ولو رضى الزوج لئلا يكون المحضون فى حضانة أجنبى فان كان الزوج ليس أجنبيا كجد المحضون وقريبه فلها الحضانة لأن الزوج القريب يشاركها فى القرابة والشفقة عليه أشبه الأم اذا كانت مزوجة بالأب.
ولو اتفق أبو المحضون وأمه على أن يكون الولد فى حضانتها وهى مزوجة ورضى زوجها جاز ذلك ولم يكن لازما لأن الحق لا يعدوهم وأيهم أراد الرجوع فله ذلك.
فان زالت الموانع كأن عتق الرقيق وأسلم الكافر وعدل الفاسق ولو ظاهرا وعقل المجنون وطلقت الزوجة ولو رجعيا ولو لم تنقض العدة رجعوا الى حقهم من الحضانة لأن سببها قائم وانما امتنعت لمانع فاذا زال المانع عاد الحق بالسبب السابق الملازم (١).
ومتى أراد أحد الأبوين النقلة الى بلد مسافة قصر فأكثر وكان البلد آمنا وكذلك
(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس الحنبلى الطبعة الأولى بالمطبعة العامرية الشرقية سنة ١٣١٩ هـ. ح ٣ ص ٣٢٦ - ٣٢٨.