للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الدعوى يجب أن تكون فى حالة خصومة (١) وهذا أيضا محل اتفاق بين المذاهب.

٣ - أن يكون كل من المدعى والمدعى عليه أصيلا فى الخصومة أو نائبا عن الأصيل بوكالة أو ولاية أو وصاية حتى تكون الدعوى من ذى شأن فى الخصومة على ذى شأن فيها فلا تصح الدعوى من فضولى ولا على فضولى لأنها سبيل الى القضاء بالمدعى به والقضاء يجب أن يصدر ملزما ولا الزام مع الفضالة (٢) والى هذا ذهب الحنفية وبقية أرباب المذاهب الأخرى، ومما يتصل بهذا الشرط‍ دعوى الحسبة وهى فرض كفاية على كل مسلم قادر وفرض عين على القادر اذا تعين والأصل فى ذلك هو وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهذه الدعوى انما تكون فى حقوق الله تعالى وهى فى رأى الجمهور الحقوق التى تعود منفعتها على العامة كلهم وهى حقوق يجب على كل مسلم المحافظة عليها والدفاع عنها فمن رأى رجلا يعيش مع مطلقته التى طلقها ثلاثا معيشة الأزواج وجب عليه رفع أمرهما الى القاضى وهو فى هذا مدع وشاهد كما سيجئ ذلك فى مصطلح شهادة ولوجوبها على الناس كان كل مسلم أصيلا فيها والأمور التى تقبل فيها الدعوى حسبة وهى فى الوقت نفسه شهادة حسبه كثيرة وذكر منها صاحب الأشباه أربع عشرة مسألة وزاد عليها صاحب الدر أربع مسائل فأبلغها ثمانى عشرة مسألة وفى بعضها خلاف الامام وصاحبيه مداره على أن الغالب فى هذا البعض أهو حق الله أم حق العبد فمن ترجح عنده أن الغالب فيه هو حق الله جاز سماع الدعوى والشهادة فيه حسبة ومن ترجح عنده أن الغالب فيه هو حق العبد لم يجز سماعها الا من صاحب الحق وفى بيان هذه المسائل يرجع الى مصطلح شهادة اذ قد غلب اطلاق اسم الشاهد حسبة على من يتقدم بها الى القاضى ولهذا مال كثير من الحنفية الى أنها من قبيل الشهادة وليست من قبيل الدعوى وأن القضاء فيها لا يتوقف على سبق الادعاء استثناء من الأصل القاضى بأنه لا قضاء الا بعد دعوى وجاء فى الدر المختار وحاشية التكملة عليه: ليس لنا مدع حسبة الا فى الوقف على القول المرجوح وذلك اذا ادعى الموقوف عليه أصل الوقف فانها تسمع عند بعضهم والمفتى به عدم سماعها الا من المتولى على الوقف ولكن جاء فى فتاوى الحانوتى: الحق أن الوقف اذا كان على معين تسمع منه ولكن صاحب التنقيح قيد هذا باذن القاضى على ما عليه الفتوى (٣) وارجع الى مصطلح شهادة فى بيان بقية المذاهب.

ومما يتصل به أيضا أن أبا حنيفة رضى الله عنه يرى وجوب قيام المدعى بدعواه حتى لا يقبل منه توكيل فيها الا اذا كان به عذر يمنعه من ذلك كالمرض والسفر أو رضى المدعى عليه بتوكيله غيره وخالفه فى ذلك صاحباه ذكر ذلك الكاسانى فى البدائع نقلا


(١) التبيين على الكنز ح‍ ٤ ص ٢٩٢ والتبصرة ح‍ ١ ص ٩٨ ومنتهى الارادات ح‍ ٢ ص ٥٨٨ ونهاية المحتاج ح‍ ١٨ ص ٣٢.
(٢) الدر المختار والتكملة ح‍ ١ ص ٢٨٧.
(٣) الدر وتكملة ابن عابدين ح‍ ١ ص ٤٥ وما بعدها والاشباه والنظائر لابن نجيم من كتاب القضاء والدعوى