للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إشارة إلى خلاف فى ذلك. وهذا متفق مع أوجه الاحتمالين فى مذهب الشافعى، وصرح بعض الإمامية بأن من الصدقة المحرمة الصدقة الواجبة بالنذر، والصدقة الموصى بها، والهدى الواجب.

وواضح أن من يقولون بحرمة صدقة التطوع عليهم يقولون بحرمة هذا النوع من الصدقة عليهم. والاحتمال غير الوجيه فى مذهب الشافعية أن النذور تحل لهم.

ومذهب أحمد أنه يجوز لهم الأخذ من الوصايا للفقراء ومن النذور لأنها من صدقة التطوع، فهم لا ينظرون إلا إلى إيجاب الشارع، أما إيجاب العبد على نفسه فإنه لا يخرج الصدقة عن أن تكون صدقة تطوع.

أما صدقة النفل أو التطوع فقد اختلفت بشأنها عبارات مؤلفى الحنفية. فالطحاوى بعد أن روى السنن الواردة فى التحريم قال:

فدل ذلك على أن كل الصدقات من التطوع وغيره قد كان محرما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى سائر بني هاشم، والنظر يدل على استواء حكم الفرائض والتطوع فى ذلك.

وذلك أنا رأينا غير بنى هاشم من الأغنياء والفقراء فى الصدقات المفروضات والتطوع سواء. من حرم عليه أخذ صدقة مفروضة حرم عليه اخذ صدقة غير مفروضة، فلما حرم على بنى هاشم أخذ الصدقات المفروضات حرم عليهم اخذ الصدقات غير المفروضات. فهذا هو النظر فى هذا الباب، وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله.

وقد اختلف النقل عن أبى حنيفة فى ذلك، فروى عنه أنه قال: لا بأس بالصدقات كلها على بنى هاشم.

وذهب فى ذلك عندنا إلى أن الصدقات إنما كانت حرمت عليهم من أجل ما جعل لهم فى الخمس من سهم ذوى القربى فلما انقطع ذلك عنهم ورجع الى غيرهم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حل لهم بذلك أخذ ما كان محرما عليهم من أجل ما كان قد أحل لهم.

وقد حدثنى سليمان بن شعيب عن أبيه عن محمد عن أبى يوسف عن أبى حنيفة فى ذلك مثل قول أبى يوسف، فبهذا نأخذ … هذا كلام الطحاوى وهو قاطع فى أن عن أبى حنيفة روايتين: رواية حرمة المفروضة والتطوع وإن انقطع حقهم فى الخمس. ورواية حلهما بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع حقهم فى الخمس.

وهذا ما يقرره البابرتى فى «العناية»، فقد قال: وذكر فى «شرح الآثار» أن النافلة والمفروضة محرمتان عليهم عندهما وعن أبى حنيفة فيهما روايتان غير أنه نقل فى «فتح القدير» عن النهاية أن صدقه النفل تجوز لهم بالإجماع.

وجاء فيه أيضا أن جواز صدقة التطوع قد ورد فى «الكافى» من غير إشارة إلى خلاف.

وهذا هو ما صنعه صاحب الهداية أيضا، وقال الكمال: إنه قد ورد فى «شرح الكنز» أنه لا فرق بين الصدقة الواجبة وصدقة التطوع.

ثم قال: وقال بعضهم يحل لهم التطوع.

وقال الكمال أنه قد اثبت الخلاف على وجه