الكتاب ولا من السنة أو الاجماع ولا طريق سوى اقامة المدلى مقام المدلى به ليثبت له الاستحقاق الذى كان ثابتا للمدلى به فنصيب كل أصل ينتقل الى فرعه، ويؤيده أن من كان منهم ولدا لصاحب فرض أو لعصبة كان أولى ممن ليس كذلك وليس ذلك الا باعتبار المدلى به.
وذهب نوح بن دراج وحبيش بن بشر ومن تابعهما الى أن المال بينهما أنصافا لأن استحقاقهما انما هو باعتبار الوصف العام الذى هو الرحم والأقرب والأبعد متساويان فيه وهؤلاء يسمون أهل الرحم. فاذا استوى أفراد هذا الصنف فى الدرجة بأن يدلوا الى الميت بدرجتين أو بثلاث درجات مثلا فولد الوارث أولى من ولد ذوى الرحم كبنت بنت الابن فانها أولى من ابن بنت البنت لأن الأولى ذات فرض والثانية ذات رحم والسبب فى هذه الأولوية أن ولد الوارث أقرب حكما والترجيح يكون بالقرب الحقيقى ان وجد والا فبالقرب الحكمى.
وان استوت درجاتهم فى القرب ولم يكن فيهم مع الاستواء ولد وارث أو كلهم يدلون بوارث فعند أبى يوسف فى قوله الأخير والحسن بن زياد يعتبران أن الفروع المتساوية فى الدرجات المذكورة ويقسم المال عليهم باعتبار حال ذكورتهم وأنوثتهم سواء اتفقت الأصول فى الذكورة والأنوثة أو اختلفت ولا يعتبر فى القسمة صفات أصولهم أصلا. وهى رواية شاذة عن أبى حنيفة.
ويوافق محمد اعتبار أبدان الفروع ان اتفقت صفة الأصول فى الذكورة والأنوثة موافقا بذلك ما ذهب اليه أبو يوسف فى قوله الأخير والحسن بن زياد كما سبق، ويخالفهما فيعتبر الأصول ان اختلفت صفاتهم ويعطى الفروع ميراث الأصول وهو القول الأول لأبى يوسف وأشهر الروايتين عن أبى حنيفة والظاهر من مذهبه. وقد ذكر فى المبسوط أن ابن زياد من أهل التنزيل والدليل على القول الأخير لأبى يوسف استحقاق الفروع: انما يكون لمعنى فيهم لا لمعنى فى غيرهم والمعنى هو القرابة التى هى فى أبدان الفروع وقد اتحدت الجهة أيضا وهى الولادة فيتساوى الاستحقاق فيما بينهم وان اختلفت الصفة فى الأصول، ألا يرى أن صفة الكفر أو الرق غير معتبرة فى المدلى به وانما تعتبر فى المدلى فكذا صفة الذكورة والأنوثة تعتبر فيه فقط، واستدل محمد باتفاق الصحابة على أن للعمة الثلثين وللخالة الثلث ولو كان الاعتبار بأبدان الفروع لكان المال بينهما نصفين فظهر أن المعتبر فى القسمة هو المدلى به فانه الأب فى العمة والأم فى الخالة، وأيضا اذا كان أحدهما ولد وارث كان أولى من الآخر فقد ترجح باعتبار معنى فى المدلى به كما اذا ترك الميت ابن بنت وبنت بنت فعند أبى يوسف والحسن يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين باعتبار أبدان الفروع وصفاتهم. وعند محمد يكون المال بينهما كذلك لأن صفة الأصول متفقة فى الأنوثة فيعتبر أيضا أبدان الفروع، ولو ترك بنت ابن بنت، وابن بنت بنت فالمال عند أبى يوسف والحسن يكون بين الفروع أثلاثا فثلثاه للذكر وثلثه للأنثى، وعند محمد يكون المال بين الأصول فى البطن الثانى