للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا المرسل وجعلوه بالارسال ساقط‍ الحديث، وعامتهم على أنه يقبل منه هذا المسند وغيره من المسانيد لانه يجوز أن يكون سمع الحديث مسندا ونسى من يروى عنه وقد علم أنه سمعه مسندا متصلا فأرسله اعتمادا عليه ثم تذكره فأسنده ثانيا أو كان ذاكرا للاسناد فأسنده ثم نسى من يروى عنه فأرسله ثانيا فلا يقدح ارساله فى اسناده ولكن انما يقبل اسناده عندهم اذا أتى بلفظ‍ صريح مثل أن يقول حدثنى فلان أو سمعت فلانا ولا يقبل اذا أتى بلفظ‍ موهم مثل أن يقول عن فلان ونحوه هكذا نقل عن الشافعى رحمه الله. وأما فى الوجه الثانى فقد ذكر أبو عمرو المعروف بابن الصلاح فى كتاب معرفة أنواع علم الحديث: ان الحديث الذى رواه بعض الثقات مرسلا وبعضهم متصلا (مثل حديث لا نكاح الا بولى رواه اسرائيل بن يونس فى أخرى عن جده أبى اسحق السبيعى عن أبى بردة عن أبيه عن أبى موسى الاشعرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا متصلا ورواه سفيان الثورى وشعبة عن أبى اسحق عن أبى بردة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا) هذا النوع من الحديث قد اختلف فيه فحكى الخطيب الحافظ‍ أن أكثر أصحاب الحديث يرون الحكم فى هذا وأشباهه للمرسل وعن بعضهم ان الحكم للأحفظ‍ فاذا كان من أرسله أحفظ‍ ممن وصله فالحكم لمن أرسله لا يقدح ذلك فى عدالة من وصله وأهليته، ومنهم من قال: من أسند حديثا قد أرسله الحافظ‍ فارسالهم له يقدح فى مسنده وفى عدالته وأهليته، ومنهم من قال الحكم من أسنده اذا كان ضابطا عدلا فيقبل خبره وان خالفه غيره سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة قال: وهذا القول هو الصحيح وهو المأخوذ فى الفقه وأصوله وبلتحق بهذا ما اذا كان الذى وصله هو الذى أرسله وهكذا اذا رفع بعضهم الحديث الى النبى صلى الله عليه وسلم ووقفه بعضهم على للصحابى أو رفعه واحد فى وقت ووقفه هو أيضا فى وقت آخر فالحكم على الاصح لما زاده الثقة من الوصل والرفع، فوجه عدم القبول أن الراوى لما سكت عن تسمية المروى عنه كان ذلك بمنزلة الجرح فيه واسناد الآخر بمنزلة التعديل واذا استوى الجرح والتعديل يغلب الجرح لما عرف، ووجه القبول أن عدالة المسند يقتضى قبول الخبر وليس فى ارسال من أرسله ما يقتضى أن لا يقبل اسناد من يسنده لانه يجوز أن يكون من أرسله سمعه مرسلا أو نسى المروى عنه كما ذكرنا ومن أسنده سمعه مسندا فلا يقدح ارساله فى اسناد الآخر، ولان المسند مثبت والمرسل ساكت ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه لانه علم ما خفى عليه (١) أما الظاهرية


(١) المرجع السابق ج ٣ ص ٧، ٨.