للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودرهم ألا درهما أو ثلاثة دراهم ودرهمان ألا درهمين، أو ثلاثة ونصف ألا نصفا لم يصح الاستثناء ولزمه جميع ما أقر به قبل الاستثناء، لان الاستثناء راجع الى ما قبله وهو مساو فيكون مستغرقا فيبطل. وفيه وجه آخر أنه يصح لان الواو العاطفة تجمع بين العددين وتجعل الجملتين كالجملة الواحدة، ومن أصل الحنابلة أن الاستثناء اذا تعقب جملا معطوفا بعضها على بعض بالواو عاد الى جميعها كما قالوا فى قول الله تعالى «وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا» أن الاستثناء عائد الى الجملتين فاذا تاب القاذف قبلت شهادته واذا رجع الاستثناء الى الكل فى الأمثلة المذكورة كان استثناء الاقل وليس استثناء الاكثر ولا المستغرق فيصح .. والوجه الاول أولى لان الواو لم تخرج الكلام عن أن يكون جملتين والاستثناء يرفع أحداهما ولا نظير لهذا فى كلامهم، ولان صحة الاستثناء تجعل احدى الجملتين مع الاستثناء لغوا لانه أثبت شيئا بلفظ‍ مفرد ثم رفعه كله فلا يصح كما لو استثنى منها وهى غير معطوفة على بعضها .. أما الآية فليست من هذا القبيل لأن الاستثناء فيها لم يرفع احدى الجملتين وأنما أخرج من الجملتين معا من اتصف بصفة فنظيره ما لو قيل للبواب: من جاء يستأذن فأذن له واعطه درهما الا فلانا، ونظير مسألتنا ما لو قال: أكرم زيدا وعمر الا عمرا وأن قال:

له على درهمان وثلاثة ألا درهمين قيل يصح لان الاستثناء يعود الى الكل فيكون استثناء الاقل وهو صحيح وقيل لا يصح لانه يعود الى الجملة الثانية اذ هى أقرب فيكون استثناء الاكثر لانه أكثر من النصف وهو باطل عند الحنابلة وذكر وجه آخر فى تعليل عدم الصحة وهو أن الاستثناء يرجع الى الجملة الاولى للمساواة كما فى قوله: أكرم زيدا وعمرا ألا زيدا وهو مستغرق فيكون باطلا.

وكذلك يشترط‍ لصحة الاستثناء عند الحنابلة أن لا يستثنى الاكثر مما يتناوله المستثنى منه وهو ما زاد على النصف، فأن استثنى الاكثر بطل الاستثناء عندهم خلافا لابى حنيفة ومالك والشافعى وأصحابهم حيث يصح استثناء الاكثر عندهم، فلو قال: له على مائة درهم ألا تسعين صح الاستثناء عند الائمة الثلاثة ولزمه عشرة وبطل عند الحنابلة ولزمته المائة كلها لانه لم يرد الاستثناء فى لسان العرب الا فى الاقل، وقد أنكروا استثناء الاكثر فلو قال مائة الا تسعة وتسعين لم يكن متكلما بالعربية وكان عيا فى الكلام ولكنة، ويقال: صمت الشهر الا يوما ولا يقال صمت الشهر الا تسعة وعشرين يوما، ويقال: لقيت القوم جميعهم ألا واحدا أو اثنين، ولا يقال لقيت القوم جميعهم الا أكثرهم ..

واذ لم يكن صحيحا فى الكلام لم يرتفع به الاقرار كما فى استثناء الكل وفى استثناء النصف وجهان أحدهما يجوز