ليشربن ماء البحر الا أكثره أو ليحملن الجبل شيئا منه على اعتبار أن بدل البعض استثناء فى المعنى لا أثم عليه فى اليمين وهذه هى فائدة الاستثناء فى ذلك، وقيل ان هذا النوع من الاستثناء يجرى فى جميع الايمان سواء كانت بالله تعالى على نحو ما ذكر أو كانت بالطلاق نحو أنت طالق ثلاثا ان دخلت الدار الا واحدة أو بالعتق، نحو عبيدى أحرار ان صاموا رمضان الا واحدا فان هذا الاستثناء ينفع ويترتب عليه حكمه فتطلق ثنتين ويعتق العبيد الا واحدا وحينئذ يختص الاستثناء بالاستثناء بالا دون المشيئة لانها لا تعمل فى الطلاق والعتق عندهم ويشترط لاعتبار الاستثناء وترتب أثره عليه سواء كان بالمشيئة أو بألا أو اخواتها أن يكون متصلا والمعتبر اتصاله بالمقسم عليه حيث تعلق الاستثناء به نحو والله لأشربن البحر الا أكثره أو الا أن يشاء الله واما أن تعلق بالمقسم به كما فى الطلاق حيث يكون الاستثناء بألا أو احدى أخواتها فهل لا بد من اتصاله بالمقسم به نحو عليه الطلاق ثلاثا الا واحدة لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا أو يكتفى باتصاله بالمقسم عليه نحو عليه الطلاق ثلاثا بألا يفعل كذا أو ليفعلن كذا الا واحدة، خلاف فان لم يتصل الاستثناء على النحو المذكور لم يفد ولا يترتب عليه حكم سواء فى المشيئة أو الاستثناء بالاداة، ويغتفر الفصل لعارض لا يمكن دفعه كسعال أو عطاس أو انقطاع نفس أو تثاؤب وان اجتمعت هذه الأمور أو تكررت أما الفصل بأجنبى كرد السلام أو حمد العاطس أو تشميته فانه يضر.
وان ينوى الاستثناء لا أن جرى على لسانه سهوا فلا يفيد حينئذ مشيئة كان أو غيرها.
وان يقصد بالاستثناء حل اليمين من أول النطق بالله أو فى أثناء اليمين أو بعد فراغ من اليمين بدون فصل ولو بتذكر آخر كأن يقول شخص للحالف وهو يحلف: قل الا أن يشاء الله فيقولها عقب فراغه من المحلوف عليه دون فصل، فان فعل ذلك نفعه الاستثناء وترتب عليه حكمه. وهذا احتراز عن ذكر الاستثناء بقصد التبرك بان شاء الله وعن عدم القصد لشئ. وان ينطق بالاستثناء ولو سرا بحركة اللسان. وهذا اذا لم يكن الحلف فى حق وجب عليه أو شرط فى نكاح أو عقد بيع، فان كان الحلف فى شئ من ذلك لم ينفعه الاستثناء سرا بحركة اللسان وتلزمه الكفارة شرعا وهذا عند سحنون وأصبغ وابن المواز لأن اليمين حينئذ على نية المحلف عندهم وهو لا يرضى بالاستثناء فلو قيل ينفع الاستثناء سرا يكون على غير رضاه ويكون مضرا به وهذا لا يجوز، وخالف ابن القاسم فى العتبية وقال ينفع الاستثناء فيما ذكر ولو سرا فلا تلزمه الكفارة وان كان يحرم عليه بمنعه حق الغير، وما قاله ابن القاسم خلاف المشهور.