للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان كان فى الخمر فلا خلاف فى الطهارة وان كان فى غيره كالخنزير والميتة تقع فى المملحة فتصير ملحا يؤكل والسرقين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد خلافا لابى يوسف حيث أنه يرى (١) أن الاشياء النجسة لا تطهر بانقلاب عينها، وفى التجنيس اختار قول أبى يوسف اذ قال: خشبة أصابها بول فاحترقت ووقع رمادها فى بئر يفسد الماء، وكذلك رماد العذرة وكذا الحمار اذا مات فى مملحة لا يؤكل الملح هذا قول أبى يوسف ودليله أن الرماد أجزاء تلك النجاسة فتبقى النجاسة من وجه فالتحقت بالنجس من كل وجه احتياطا.

وقال فى البحر الرائق (٢): وضم الى محمد أبا حنيفة فى المحيط‍ وكثير من المشايخ اختاروا قول محمد، وفى الخلاصة وعليه الفتوى، وفى فتح القدير أنه المختار لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة وتنتفى الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل؟ فان الملح غير العظم واللحم فاذا صار ملحا ترتب حكم الملح ونظيره فى الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهى نجسة وتصير مضغة فتطهر، والعصير طاهر فيصير خمرا فينجس ويصير خلا فيطهر فعرفنا من ذلك أن استحالة العين تستتبع زوال الوصف المترتب عليها.

وفى فتح القدير (٣): وعلى قول محمد فرعوا الحكم بطهارة صابون صنع من زيت نجس، وفى الخلاصة:

فأرة وقعت فى دن خمر فصار خلا يطهر اذا رمى بالفأرة قبل التخلل، وان تفسخت الفأرة فيها لا يباح، ولو وقعت الفأرة بالعصير ثم تخمر العصير ثم تخلل لا يطهر، وفى الظهيرية كذلك اذا صب الماء فى الخمر ثم صارت الخمر خلا تطهر وهو الصحيح.

وفى حاشية ابن عابدين (٤) بعد أن قال:

ان العلة عند محمد هى التغيير وانقلاب الحقيقة وأنه يفتى به للبلوى قال: ومقتضاه عدم اختصاص ذلك الحكم بالصابون الذى صنع من زيت نجس فيدخل فيه كل ما كان فيه تغيير وانقلاب حقيقة وكان فيه بلوى عامة فيقال كذلك فى الدبس المطبوخ اذا كان ذبيبه متنجسا ولا سيما أن الفأر يدخله فيبول ويبعر فيه وقد يموت فيه وقد بحث كذلك بعض شيوخ مشايخنا فقال: وعلى هذا اذا تنجس السمسم ثم صار طحينة يطهر خصوصا وقد عمت به البلوى وقاسه على ما اذا وقع عصفور فى بئر حتى صار طينا لا يلزم اخراجه لاستحالته.


(١) فتح القدير شرح الهداية للكمال بن الهمام وبهامشه شرح العناية وحاشية سعد جلبى ح‍ ١ ص ١٣٩ طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر سنة ١٣١٥ هـ‍ الطبعة الاولى.
(٢) البحر الرائق ح‍ ١ ص ٢٣٩.
(٣) فتح القدير ح‍ ١ ص ١٣٩ الطبعة السابقة والبحر ج‍ ١ ص ٢٣٩.
(٤) رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار ح‍ ١ ص ٢٩١ وما بعدها الطبعة السابقة.