للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للآمدى (١): المختار انما هو امتناع التكليف بالمستحيل لذاته كالجمع بين الضدين ونحوه وجوازه فى المستحيل باعتبار غيره، قال الآمدى: واليه ميل الامام الغزالى رحمه الله تعالى، وجاء فى كتاب كشف الاسرار شرح أصول البزدوى الحنفى (٢):

اعلم أن الأئمة قد اختلفوا فى جواز التكليف بالممتنع وهى المسمى تكليفا بما لا يطاق فقال أصحابنا: لا يجوز ذلك عقلا ولهذا لم يقع شرعا وقالت الأشعرية: انه جائز عقلا واختلفوا فى وقوعه والأصح عدم الوقوع، والخلاف فى التكليف بما هو ممتنع لذاته كالجمع بين الضدين والعقد بين شعيرتين - أى حبتى شعير - فأما التكليف بما هو ممتنع لغيره كايمان من علم الله تعالى أنه لا يؤمن مثل فرعون وأبى جهل وسائر الكفار الذين ماتوا على كفرهم فقد اتفق الكل على جوازه عقلا وعلى وقوعه شرعا فالأشعرية تمسكوا بأن التكليف منه سبحانه وتعالى تصرف فى عباده ومماليكه فيجوز سواء أطاق العبد أو لم يطق وهذا لأن امتناع التكليف اما أن يكون لاستحالته فى ذاته أو لكونه قبيحا، لا وجه للأول لقصور صدور الأمر من الله تعالى بالممتنع للعبد، ولا للثانى لان القبح انما يكون باعتبار عدم حصول الغرض والقديم منزه عن الغرض، وتمسك أصحابنا بأن تكليف العاجز عن الفعل بالفعل يعد سفها فى الشاهد كتكليف الأعمى بالنظر فلا يجوز نسبته الى الحكيم جل جلاله، وما مر انما هو فى التكليف بالمحال، أما التكليف المحال فقد قال البيضاوى (٣): أما التكليف المحال باسقاط‍ الباء - فانه لا يجوز تكليف الغافل من أحال تكليف المحال فان الاتيان بالفعل امتثالا يعتمد قصد الفعل ولا يكفى مجرد الفعل لقول النبى صلى الله عليه وسلم: إنما الاعمال بالنيات، وقال البدخشى: تكليف الغافل كالساهى والنائم والمجنون والسكران وغيرهم لا يجوزه من منع التكليف بالمحال ثم قال (٤): واعلم أن الشافعى رحمه الله تعالى قد نص فى الأم على أن السكران مخاطب مكلف كذا نقل عنه الرويانى فى البحر فى كتاب الصلاة، وحينئذ فيكون تكليف الغافل عنده جائزا لأنه فرد من أفراد المسألة كما نص عليه الآمدى وابن الحاجب، وفى المستصفى (٥) أن تكليف الناسى والغافل عما يكلف محال اذ من لا يفهم كيف يقال له: افهم، أما ثبوت الأحكام بأفعاله فى النوم والغفلة فلا ينكر كلزوم الغرامات وغيرها وكذلك تكليف السكران الذى لا يعقل محال كتكليف الساهى


(١) الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ج‍ ١ ص ١٩٢ الطبعة السابقة.
(٢) كشف الاسرار ج‍ ١ ص ١٩١، ١٩٢ الطبعة السابقة.
(٣) شرح البدخشى ومعه شرح الاسنوى على منهاج الوصول ج‍ ١ ص ١٣٦ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ح‍ ١ ص ١٣٧.
(٥) المستصفى للغزالى مع فواتح الرحموت ج‍ ١ ص ٨٤ الطبعة السابقة.