للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى هامش الفروق (١) قسم الدعوى التى لا يحتاج فى اثباتها الى شهادة شاهدين الى نوعين:

النوع الاول ما يشهد به العرف وهذه يشرع التحليف فيها بمجردها بلا شرط‍ خلطة ونحوها وعد من ذلك مسائل كثيرة كالقاتل يدعى أن ولى المقتول عفا عنه.

والنوع الثانى ما لم يتعرض العرف لتكذيبها ولا تصديقها فهذه لا يشرع فيها التحليف الا باثبات خلطة كما اذا ادعى على الرجل المبرز من ليس من شكله ولا نمطه فلا تجب له اليمين عليه الا بثبوت الخلطة.

وأما ابن سهل فقد قال فى التبصرة: قال غير واحد من المتأخرين: انما تراعى الخلطة فيما يتعلق بالذمم من الحقوق، أما الاشياء المعينة التى يقع التداعى فيها بينهما فاليمين لاحقة من غير خلطة.

وقد استثنى (٢) من اشتراط‍ الخلطة مسائل تتوجه فيها اليمين وان لم تثبت الخلطة اتفاقا والخلاف انما هو فى عداها وذلك كالصناع يدعى عليهم بمالهم فيه صنعة فانهم يحلفون ولو لم تثبت خلطة ومثلهم التجار لان نصب أنفسهم للناس بالصناعة والبيع والشراء فى معنى الخلطة وكذلك الضيف الغريب يدعى أو يدعى عليه فى شئ معين، ودعوى الوديعة على أهلها والمسافر يدعى على بعض رفقته بشئ ودعوى المريض فى مرض موته على غيره بدين، ودعوى البائع على حاضر المزايدة.

وما مر من اشتراط‍ الخلطة عند توجه اليمين انما هو فى دعوى المال فقد قال ابن رشد (٣): ان كانت الدعوى فى مال وجبت اليمين على المدعى عليه بشرط‍ الخلطة وقال بذلك السبعة من فقهاء المدينة وعمدتهم فى ذلك النظر الى المصلحة لكيلا يتطرق الناس بالدعاوى الى تعنيت بعضهم بعضا، ومن هنا لم ير الامام مالك رضى الله عنه احلاف المرأة زوجها اذا ادعت عليه الطلاق الا أن يكون معها شاهد وكذلك احلاف العبد سيده فى دعوى العتق عليه، أما ان كانت الدعوى فى غير مال بأن كانت فى طلاق أو نكاح أو قتل فلا تجب اليمين الا مع الشاهد.

والضابط‍ فى ذلك أن كل دعوى لا تثبت (٤) الا بعدلين كالعتق والطلاق والنكاح والتمليك والمبارأة والاسلام والردة والشرب والقذف فلا تثبت اليمين بمجرد الدعوى من المدعى بل لا بد من شاهد فاذا ادعى (٥) انسان على شخص أنه قتل وليه ولم يقم بينه فلا يمين على


(١) تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الاسرار الفقهية بهامش الفروق لشهاب الدين المشهور بالقرافى الفرق التاسع والثلاثون والمائتان ج‍ ٤ من ص ١٣٦ الى ١٣٩ طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية بمصر سنة ١٣٤٦ هـ‍ طبعة أولى.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ١٤٥، ١٤٦، ١٥١، ١٥٢، ١٣٩.
(٣) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج‍ ٢ ص ٣٥٤ وص ٣٥٥، طبع مطبعة الجمالية بمصر طبعة أولى سنة ١٣٢٩ هـ‍.
(٤) حاشيتى حجازى والامير ج‍ ٢ ص ٢٢٠ وص ٣٢١.
(٥) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ١٥١ وص ١٥٢ الطبعة السابقة.