للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قاله القاضى وسواء كانت اليمين على المدعى سواء فى ذلك اليمين المردودة من المدعى عليه أو اليمين التى مع الشاهد أو كانت اليمين على المدعى عليه، ثم قال:

ومحل ذلك ما لم يسبق من أحدهما حلف بنحو طلاق أن لا يحلف يمينا مغلظة والا فلا تغليظ‍ والا وجه تصديقه فى ذلك بلا يمين لانه يلزم من حلفه طلاقه ظاهرا فساوى الثابت بالبينة لكن الذى جاء فى المهذب (١) أنه ان كان الذى عليه اليمين قد حلف بالطلاق أنه لا يحلف بيمين مغلظة فان كان التغليظ‍ مستحقا عليه لزمه التغليظ‍ فى الحلف وان حنث فى يمينه بالطلاق كما لو حلف بالطلاق أنه لا يحلف عند القاضى فان امتنع جعل ناكلا وردت اليمين على خصمه وان كان التغليظ‍ غير مستحق لم يلزمه أن يحلف يمينا مغلظة وان امتنع من التغليظ‍ لم يجعل ناكلا، والتغليظ‍ (٢) يكون بحضور جمع أقلهم أربعة ويندب بزيادة الاسماء والصفات ويسن أن يقرأ عليه: «إِنَّ الَّذِينَ ٣ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» وأن يوضع المصحف فى حجره والتغليظ‍ (٤) قد يكون بالزمان وبالمكان وفى اللفظ‍ فأما التغليظ‍ بالمكان ففيه قولان أحدهما أنه يستحب والثانى أنه واجب، وأما التغليظ‍ بالزمان فقد ذكر الشيخ أبو حامد الاسفرابينى رحمه الله أنه يستحب وقال أكثر اصحابنا: ان التغليظ‍ بالزمان كالتغليظ‍ بالمكان وفيه قولان، وأما التغليظ‍ باللفظ‍ وهو مستحب فهو أن يقول: والله الذى لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية وذلك لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلف رجلا فقال له: قل:

والله الذى لا اله الا هو - ولان القصد باليمين الزجر عن الكذب وهذه الالفاظ‍ أبلغ فى الزجر وأمنع من الاقدام على الكذب وان اقتصر على قوله: والله، أجزأه لان النبى صلى الله عليه وسلم اقتصر فى احلاف ركانة على قوله: والله، وان اقتصر على صفة من صفات الذات كقوله: وعزة الله أجزأه لانها بمنزلة قوله: والله فى الحنث فى اليمين وايجاب الكفارة وان حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعى رحمه الله عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف قال: ورأيت مطرفا بصنعاء يحلف على المصحف.

قال الشافعى وهو حسن ولان القرآن من صفات الذات ولهذا يجب بالحنث


(١) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج‍ ٢ ص ٣٢٢.
(٢) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ج‍ ٨ ص ٣٣١.
(٣) الآية رقم ٧٧ من سورة آل عمران.
(٤) المهذب ج‍ ٢ ص ٣٢٢ الطبعة السابقة.