للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه وقطع السارق منه وكذلك ان كان السارق قد ملك المسروق رجلا ببيع، أو هبة أو وصية والمسروق قائم فلصاحبه أن يأخذه لانه عين ملكه اذ السرقة لا توجب زوال الملك عن العين المسروقة فكان تمليك السارق باطلا ويرجع المشترى على السارق بالثمن الذى اشتراه (١) به وان كان المسروق قد هلك فى يد القابض وكان البيع قبل القطع أو بعده فلا ضمان لا على السارق ولا على القابض بدليل قوله تعالى:

«وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا ٢» فالله سبحانه وتعالى سمى القطع جزاء فلو ضم اليه الضمان لم يكن القطع كافيا فلم يكن جزاء فالله سبحانه وتعالى جعل القطع كل الجزاء فلم يذكر غيره وقد روى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: اذا قطع السارق فلا غرم عليه (٣)، ويخرج على هذا الاصل اذا استهلك السارق المسروق بعد القطع لا يضمن فى ظاهر الرواية لان عصمة المحل الثابتة حقا للمالك قد سقطت فى حق السارق لضرورة امكان ايجاب القطع فلا يعود الا بالرد الى المالك فلم يكن معصوما قبله فلا يكون مضمونا وروى الحسن عن أبى حنيفة رحمه الله أنه يضمن لان المسروق بعد القطع بقى على ملك المسروق منه ألا ترى أنه يجب رده على المالك وقبض السارق ليس بقبض مضمون فكان المسروق فى يده بمنزلة الامانة فاذا استهلكها ضمن ولو استهلك المسروق رجل آخر يضمنه لان العصمة انما سقطت فى حق السارق لا فى حق غيره فيضمن (٤) .. وان أحدث السارق فى المسروق حدثا فان كان حدثا أوجب النقصان يقطع وتسترد العين على المالك وليس عليه ضمان النقصان واذا كان أحدث حدثا أوجب الزيادة فالاصل فى هذا أن السارق اذا أحدث فى المسروق حدثا لو أحدثه الغاصب فى المغصوب انقطع حق المالك ينقطع حق المسروق منه والا فلا وعلى هذا اذا قطع السارق الثوب المسروق وخاطه قميصا انقطع حق المالك لانه لو فعله الغاصب انقطع حق المغصوب منه كذا اذا فعله السارق ولا ضمان على السارق ولو صبغه أحمر أو أصفر فلا سبيل للمالك على العين المسروقة فى قول أبى حنيفة لان المغصوب منه له أصل الثوب وهو متقوم وللغاصب فيه كذلك حق متقوم الا أنه جعل الخيار للمالك لان المالك صاحب أصل والغاصب صاحب وصف وهنا فى السرقة حق السارق متقوم وحق المالك فى أصل الثوب ليس بمتقوم فى حق السارق لاجل القطع فاعتبر حق السارق وتعذر تضمينه لضرورة القطع فيكون له مجانا، وفى قولهما يأخذ المالك الثوب ويعطيه ما زاد الصبغ فيه لانه


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٧ ص ٨٩ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٣٨ من سورة المائدة.
(٣) المرجع السابق ج ٧ ص ٨٤ الطبعة السابقة.
(٤) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٧ ص ٨٥ الطبعة السابقة.