للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحل لاحدكم أن يأخذ مال أخيه لاعبا ولا جادا وأن أخذه فليرده عليه. ولانه بالاخذ فوت عليه اليد وهى مقصودة لان المالك يتوصل بها الى تحصيل ثمرات الملك من الانتفاع وأتم وجوهه رد عينه فى مكان غصبه لانه أعدل وأكمل فى رد الصورة والمعنى ورد القيمة أو المثل مخلص يصار اليه عند تعذر رد العين ولهذا يطالب برد العين قبل الهلاك، ولو أتى بالقيمة أو المثل لا يعتد به لكونه قاصرا وقيل: الموجب الاصلى هو المثل أو القيمة ورد العين مخلص ولهذا لو أبرأه عن الضمان حال قيام العين يصح حتى لا يجب عليه الضمان بالهلاك والابراء عن العين (١) لا يصح فلو هلك المغصوب عند الغاصب وجب المثل أى مثل المغصوب ان كان المغصوب مثليا وهو المكيل والموزون والعددى المتقارب كالجوز والبيض خلافا لزفر فى العددى - لقول الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ،} ولان حق المالك ثابت فى الصورة والمعنى وقد أمكن اعتبارهما بايجاب المثل فكان أعدل وأتم فى جبر الفائت فكان أولى من القيمة واسمه ينبئ عن ذلك فان المثل عبارة عما يقوم مقامه من كل وجه فكان ايجابه أعدل فان انقطع المثلى عن ايدى الناس وجبت القيمة وتعتبر قيمته يوم الخصومة (٢) عند أبى حنيفة رحمه الله لان المثل هو الواجب بالغصب، وهو باق فى ذمته ما لم يقض القاضى بالقيمة ولهذا لو صبر الى أن يعود المثل كان له ذلك وانما ينتقل الى القيمة بالقضاء حتى لا يعود الى المثل لوجوده بعد ذلك فتعتبر قيمته يوم الانتقال وقال ابو يوسف تعتبر قيمته يوم الغصب لان المثل لما انقطع التحق بذوات القيم وفيها تعتبر القيمة يوم الغصب فكذا فيما التحق بها. وقال محمد تعتبر قيمته يوم الانقطاع لان المثل هو الواجب بغصب ذات المثل فلا ينتقل الى القيمة الا بالعجز عنه والعجز عنه يحصل بالانقطاع فتعتبر قيمته يومئذ فلا تجب القيمة قبل انقطاع المثل للقدرة عليه (٣). أما اذا كان المغصوب لا مثل له والمراد به غير المكيل والموزون والعددى المتقارب كالثياب والحيوان والمثلى المخلوط‍ بخلاف جنسه كالحنطة المخلوطة بالغير، والموزون الذى فى تبعيضه ضرر كالاوانى المصوغة أى لا يضمن بالمثل فقيمته يوم غصبه وهذا بالاجماع لانه تعذر اعتبار المثل صورة ومعنى وهو الكامل فيجب اعتبار المثل معنى وهو القيمة لانها تقوم مقامه ويحصل بها مثله لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى


(١) الزيلعى ج ٥ ص ٢٢٢ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٥ ص ٢٢٢، ص ٢٢٣، ص ٢٢٤ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٥ ص ٢٢٣ الطبعة السابقة.