للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لطرفيه بلا خلاف بين الحنفية حتى كان لكل من المستصنع والصانع عدم المضى فيه، وذلك مراعاة لما يقضى به القياس من عدم جوازه، ولان الزام الصانع بالمضى فيه ضرر له من ناحية أنه اتلاف لماله فى عمل المطلوب، وقد لا يرضى المستصنع فكان له أن يفسخ ولا يمضى، وأما المستصنع فلانه قد اشترى ما لم يره فكان له الخيار فى الفسخ قبل الرؤية، أما اذا ما فرغ الصانع من عمله فلذلك حالتان:

الاولى قبل أن يراه المستصنع.

والثانية بعد أن رآه.

ففى الحال الاولى ما قبل الرؤية: فقد ذكر فى الاصل لمحمد عدم لزوم العقد بالنسبة لطرفيه أيضا ذلك لانه بالنسبة الى المستصنع يرى أنه شراء لما لم يره فكان له الفسخ، وبالنسبة الى الصانع يرى أن العقد لم يقع على هذا المصنوع عينا، انما وقع على مبيع فى الذمة، وانما يتعين المصنوع محلا للعقد اذا ما رآه المستصنع فرضى به، ألا ترى أن الصانع اذا اشترى المطلوب مع ذلك من مكان آخر فسلمه الى المستصنع جاز ذلك، وأن الصانع لو باع المصنوع فى هذه الحال الى غير المستصنع جاز بيعه ولم يكن للمستصنع أن يعترض أو ينقض البيع.

وفى الحال الثانية «بعد أن يراه المستصنع» يسقط‍ خيار الصانع اذا أحضر المصنوع الى المستصنع على الصفة المشروطة، ويبقى خيار المستصنع، أما سقوط‍ خيار الصانع فلانه باحضار المصنوع الى المستصنع على الصفة المشروطة تعين مبيعا، فكان بائعا، وليس للبائع خيار رؤية، وهذا بخلاف حال المستصنع فان له الخيار لانه لا يزال مشتريا لما لم يره، وهذا هو ظاهر الرواية عند أبى حنيفة وصاحبيه.

وروى عن أبى حنيفة أيضا أن لكل منهما الخيار فى هذه الحال أيضا.

وروى عن أبى يوسف أيضا ألا خيار لهما جميعا فى هذه الحالة ذلك لان الصانع قد أفسد ماله بصنعه على الصفة التى طلبها المستصنع فلا يكون له حق الخيار والامتناع عن أخذه، حتى لا يضار الصانع، ولا يقال ان ذلك متحقق فيما اذا شرع الصانع فى العمل ولم يتمه، لانه لا يدرى أيتم العمل على وفق ما أراد المستصنع أم لا، كما لا يكون للصانع خيار لتعيين المصنوع مبيعا، ولا خيار للبائع فى هذه الحال.

ووجه ما روى عن أبى حنيفة أن فى اثبات الخيار لكل منهما دفع الضرر عنه ودفع الضرر واجب.

وقال الكسائى: والصحيح جواب ظاهر الرواية، لان فى اثبات الخيار للصانع انتفاء ما شرع له الاستصناع، وهو دفع حاجة المستصنع الى المصنوع،