الشريعة وشريعته حكما فكما للمجتهد المطلق التخريج عند عدم الفارق ويمتنع عند الفارق فكذلك هذا المقلد.
وتارة لا يحيط بقواعد مذهبه فلا يجوز له التخريج وان بعد الفارق لاحتمال أنه لو اطلع على قواعد مذهبه لا وجب له الاطلاع الفرق، ونسبته الى مذهبه كنسبة من دون المجتهد المطلق الى حملة الشريعة فكما يحرم على المقلد التخريج فيما ليس مذهب العلماء.
ويحرم عليه اتباع الادلة ويجب عليه أن لا يعمل الا بقول عالم وان لم يظهر له دليله لقصوره عن رتبة الاجتهاد فكذلك هذا.
قال القرافى (١) فى شرح المحصول قال سيف الدين اذا اتبع العامى مجتهدا فى حكم حادثة وعمل بقوله، اتفقوا على أنه ليس له الرجوع فى ذلك الحكم واختلفوا فى رجوعه الى غيره فى ذلك الحكم واتباع غيره فيه فمنع وأجيز وهو الحق نظرا الى اجماع الصحابة فى تسويغهم للعامى الاستفتاء لكل عالم فى مسأله ولم ينقل عن السلف
الحجر فى ذلك على العامة ولو كان ذلك ممتنعا لما جاز للصحابة اهماله والسكوت عن الانكار عليه ولان كل مسئلة لها حكم نفسها فكما لا يتعين الاول للاتباع فى المسألة الاولى الا بعد سؤاله فكذلك فى المسألة الاخرى.
وأما اذا عين العامى مذهبا معينا كمذهب الشافعى وأبى حنيفة وقال أنا على مذهبه وملتزم له فجوز قوم اتباع غيره فى مسألة من المسائل نظرا الى أن التزام ذلك المذهب غير ملزوم له ومنعه آخرون لان التزامه ملزوم له فى حكم حادثة معينة والمختار التفصيل وهو أن كل مسألة من مذهب الاول أن اتصل عمله بها فليس له تقليد الغير فيها وما لم يتصل عمله بها فلا مانع من اتباع غيره وكان الشيخ عز الدين ابن عبد السّلام يذكر فى هذه المسألة اجماعين.
أحدهما: اجماع الصحابة المتقدم ذكره.
والثانى: اجماع الامة على أن من أسلم لا يجب عليه اتباع أمام معين بل هو مخير فاذا قلد اماما معينا وجب أن يبقى ذلك التخيير المجمع عليه حتى يحصل دليل على رفعه لا سيما الاجماع لا يدفع الا بما هو مثله من القوة أهـ كلام القرافى.