للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى حنيفة رحمه الله تعالى. هذا كله فى الظهار المطلق والمؤبد.

أما فى الظهار المؤقت - كما اذا ظاهر منها مدة معلومة كاليوم والشهر والسنة - فانه ان قربها فى تلك المدة تلزمه الكفارة وان لم يقربها حتى مضت المدة سقطت عنه الكفارة وبطل الظهار (١).

وجاء فى بدائع الصنائع: أنه يحرم بالظهار أن يستمتع الرجل من المرأة المظاهر منها بالمباشرة والتقبيل واللمس عن شهوة والنظر الى فرجها عن شهوة قبل أن يكفر، لقول الله عز وجل «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا»،} (٢) وأخف ما يقع عليه اسم المس هو اللمس باليد، اذ هو حقيقة لهما جميعا أعنى الجماع واللمس باليد لوجود معنى المس باليد فيهما، ولأن الاستمتاع داع الى الجماع فاذا حرم الجماع حرم الداعى اليه اذ لو لم يحرم لأدى الى التناقض، ولهذا حرم فى الاستبراء وفى الاحرام بخلاف باب الحيض والنفاس، لأن الاستمتاع هناك لا يفضى الى الجماع لوجود المانع وهو الأذى فامتنع عمل الداعى للتعارض

فلا يفضى الى الجماع، ولأن هذه الحرمة انما حصلت بتشبيه امرأته بأمه فكانت قبل انتهائها بالتكفير وحرمة الأم سواء وتلك الحرمة تمنع من الاستمتاع كذا هذه ولأن الظهار كان طلاق القوم فى الجاهلية فنقله الشرع من تحريم المحل الى تحريم الفعل، فكانت حرمة الفعل فى المظاهر منها مع بقاء النكاح كحرمة الفعل فى المطلقة بعد زوال النكاح، وتلك الحرمة تعم البدن كله كذا هذه.

ولا ينبغى للمرأة اذا ظاهر منها زوجها أن تدعه يقربها بالوط‍ ء والاستمتاع حتى يكفر، لأن الاستمتاع بها حرام عليه والتمكين من الحرام حرام.

ويستوى فى هذه الأحكام جميع أنواع الكفارات كلها من الاعتاق والصيام والطعام، أعنى كما أنه لا يباح له وطؤها والاستمتاع بها قبل التحرير والصوم لا يباح له شئ من ذلك قبل الاطعام، وهذا قول عامة العلماء لأنه لو أبيح له الوط‍ ء قبل الاطعام فوطئها، ومن الجائز أنه يقدر على الاعتاق والصيام فى خلال الاطعام فتنتقل كفارته اليه، فتبين أن وطأه كان حراما فيجب صيانته عن الحرام بايجاب تقديم الاطعام احتياطا (٣).


(١) الفتاوى الهندية فى كتاب على هامشه فتاوى قاضيخان ج ١ ص ٥٠٦، ٥٠٧ الطبعة المتقدمة، وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٣ ص ٢٣٥.
(٢) الآية رقم ٣ من سورة المجادلة.
(٣) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٣ ص ٢٣٤ الطبعة المتقدمة.