للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنفسه الى خياشيمه ثم يستنثر، لما روى عمر بن عبسة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ثم يستنشق ويستنثر الا جرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء.

والمستحب أن يبالغ فى الاستنشاق للمفطر ولا يستحب ذلك للصائم لقول النبى صلى الله عليه وسلم للقيط‍ بن صبرة أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ فى الاستنشاق الا أن تكون صائما.

ولا يستقصى فى المبالغة فيكون سعوطا (١) فان كان صائما لم يبالغ للخبر.

قال فى المهذب وهل يجمع بين المضمضة والاستنشاق أو يفصل بينهما؟ قال فى الأم يجمع بينهما، لأن على بن أبى طالب كرم الله وجهه وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمضمض مع الاستنشاق بماء واحد.

وقال فى البويطى: يفصل بينهما، لما روى طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق، ولأن الفصل أبلغ فى النظافة فكان أولى.

واختلف أصحابنا فى كيفية الجمع والفصل.

فقال بعضهم على قوله فى الأم: يغرف غرفة واحدة فيتمضمض منها ثلاثا ويستنشق منها ثلاثا ويبدأ بالمضمضة.

وعلى رواية البويطى يغرف غرفة فيتمضمض منها ثلاثا ثم يغرف غرفة أخرى فيستنشق منها ثلاثا.

وقال بعضهم على قوله فى الأم: يغرف غرفة فيتمضمض منها ويستنشق ثم يغرف غرفة أخرى فيتمضمض منها ويستنشق، ثم يغرف غرفة ثالثة فيتمضمض منها ويستنشق فيجمع فى كل غرفة بين المضمضة والاستنشاق.

وعلى رواية البويطى يأخذ ثلاث غرفات للمضمضة وثلاث غرفات للاستنشاق.

والأول: أشبه بكلام الشافعى رحمه الله لأنه قال: يغرف غرفة لفيه وأنفه.

والثانى: أصح لأنه أمكن.

فان ترك الاستنشاق جاز لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم للأعرابى: توضأ كما أمرك الله تعالى وليس فيما أمر الله تعالى المضمضة والاستنشاق، ولأنه عضو باطن دونه حائل معتاد فلا يجب غسله كالعين.

والميت (٢) يوضأ كما يتوضأ الحى حين الغسل لما روت أم عطية قالت لما غسلنا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا:


(١) السعوط‍ بالفتح الدواء الذى يدخل فى الانف والسعوط‍ بالضم هو الفعل كالوضوء والوضوء.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ١٢٨ الطبعة السابقة.