ضمنه الغاصب بالمثل إن كان المغصوب مثليا وهو المتساوى الأجزاء والمنفعة المتقاربة الصفات كالحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب والأدهان، وإلا يكن مثليا فالقيمة العليا من حين الغصب الى حين التلف، لأن كل حالة زائدة من حالاته فى ذلك الوقت مضمونة كما يرشد اليه أنه لو تلف حينئذ ضمنها فكذا اذا تلف بعدها.
وقيل انه يضمن الأعلى من حين الغصب إلى حين الرد - أى رد الواجب - وهو القيمة.
وهذا القول مبنى على أن القيمى يضمن بمثله كالمثلى وإنما ينتقل إلى القيمة عند دفعها لتعذر المثل فيجب أعلى القيم إلى حين دفع القيمة، لأن الزائد فى كل آن سابق من حين الغصب مضمون تحت يده.
وقيل إنما يضمن بالقيمة يوم التلف لا غير لأن الواجب زمن بقائها انما هو رد العين، والغاصب يخاطب بردها حينئذ زائدة كانت أم ناقصة من غير ضمان شئ من النقص إجماعا، فإذا تلفت وجبت قيمة العين وقت التلف، لانتقال الحق إليها حينئذ لتعذر البدل (١).
ولو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج فى يده بغير اختياره كلف قسمته بتمييزه ان أمكن التمييز وان شق، كما لو خلط الحنطة بالشعير أو الحمراء بالصفراء لوجوب
رد العين حيث يمكن ولو لم يمكن التمييز كما لو خلط الزيت بمثله أو الحنطة بمثلها وصفا ضمن المثل ان مزجه بالأردأ لتعذر رد العين كاملة لأن المزج فى حكم الاستهلاك من حيث اختلاط كل جزء من مال المالك بجزء من مال الغاصب - وهو أدون من الحق - فلا يجب قبوله، بل ينتقل الى المثل، وهذا مبنى على الغالب من عدم رضاه بالشركة أو قول فى المسألة.
والأقوى تخييره بين المثل أو الشركة مع الأرش، لأن حقه فى العين لم يسقط لبقائها، كما لو مزجها بالأجود، والنقص بالخلط يمكن جبره بالأرش وألا يمزجه بالأردأ بل بالمساوى أو الأجود كان شريكا بمقدار عين ماله لا قيمته لان الزيادة الحاصلة صفة حصلت بفعل الغاصب عدوانا، فلا يسقط حق المالك مع بقاء عين ماله، كما لو صاغ الذهب والفضة وعلف الدابة فسمنت.
وقيل يسقط حقه من العين للاستهلاك، فيتخير الغاصب بين الدفع من العين، لأنه متطوع بالزيادة وبين دفع المثل والأقوى الأول.
هذا كله اذا مزجه بجنسه.
أما لو مزجه بغير جنسه كما لو مزج الزيت بالشيرج، فهو اتلاف لبطلان فائدته وخاصيته.
وقيل تثبت الشركة هنا أيضا كما لو مزجاه بالتراضى أو مزجاه بأنفسهما لوجود العين.
(١) الروضة البهية ج ١ ص ٢٣٢، ص ٢٣٣.