ولا يقع طلاق ولا يتحقق عتق وان حصل القبول صح ووقع الطلاق وتحقق العتق، وعللوا ذلك بأنه يكون حينئذ معاوضة فيتوقف ثبوت الحكم على قبول دفع العوض من الطرف الآخر اذ المعاوضة لا تتم الا برضا الطرفين.
وكذلك قالوا فى الصلح عن دم العمد نظير بدل.
ولا يكاد يخالف أحد من الفقهاء فى أن الاسقاطات المحضة التى ليس فيها معنى التمليك والتى لم تقابل بعوض تتم بارادة المسقط وحده، ولا تتوقف على قبول المسقط عنه مع استثناء بدل الصرف والسلم عند الحنفية لما فيه من معنى الفسخ كما ذكرنا.
والخلاف انما هو فى الاسقاطات التى فيها معنى التمليك كالابراء من الدين.
ومناط الخلاف فى ذلك هو اعتبار أى المعنيين من التمليك والاسقاط غالبا فى هذا التصرف.
وقد تضمنت النصوص الفقهية المنقولة عن الاشباه والحموى أن الحنفية يرون أن الابراء من الدين يعتبر من الاسقاطات ولا يتوقف على قبول المبرأ.
وقد خالف فى ذلك الامام زفر فذهب الى أن الابراء من الدين يتوقف على القبول نظرا لجانب التمليك فيه.
وهو قول لبعض الشيعة الجعفرية.
وذهب الشافعية والحنابلة وجمهور الشيعة الجعفرية الى أن الابراء من الدين يتم بارادة المبرئ ولا يتوقف على قبول المبرأ نظرا لجانب الاسقاط فيه.
ولأنه تصرف يتعلق بخالص حق المبرئ ولا يتعلق به حق للغير.
وللمالكية والزيدية فى ذلك قولان:
أحدهما أنه يتوقف على القبول مراعاة لجانب التمليك فيه وهو الأرجح.
والثانى أنه لا يتوقف على القبول بل ويتم مع رد المبرأ مراعاة لمعنى الاسقاط فيه كالطلاق والعتق.
ويجوز أن يتراخى القبول عن مجلس الايجاب عند من يقول باشتراط القبول من المالكية كما يجوز للمبرئ الدائن أن يرجع عن الابراء قبل حصول القبول.
وقد ذهب بعض من الحنفية غير الامام زفر الى أن الابراء من الدين اذا كان بهبة الدين للمدين أو التصدق به عليه فانه لا يتم الا بقبول المبرأ لأن معنى التمليك فيه أظهر.
ولكن المشهور عند الحنفية أن الابراء من الدين فى جميع صوره.
ومنها هبته للمدين يتم دون توقف على القبول وأنه ينفذ مع سكوت المدين فى مجلس الايجاب نظرا لجانب الاسقاط فيه.
وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة.