الغلة بعد ذلك … فهذا جائز على ما قبل من ذلك وما رد.
وكذلك الوصية بالثلث يقبل الموصى له منها ما شاء ويرد ما شاء فالموقوف عليه فى الأول والموصى له فى الثانى ثبت لهما بالوقف والوصية حق تملك الغلة والموصى به. ولكل منهما قبول البعض. ورد البعض وهذا الرد هو اسقاط لحق التملك فى البعض بعد أن ثبت فى الكل.
ولو قال أرضى هذه صدقة موقوفة على بنى فلان على أن لى أن أخص من شئت منهم فهو كما قال وله أن يخص من شاء منهم … ولو قال لا أخص واحدا منهم هذه السنة جاز وكانت الغلة بينهم بالسوية فى تلك السنة. فهو بهذا قد أسقط حقه فى التخصيص الذى ثبت له بمقتضى الشرط فى مدة معينة وهى السنة التى ذكرها. فأسقاط حق التخصيص المشروط له مما يقبل التجزئة.
ولو قال: أرضى هذه صدقة موقوفة لله على أن لى أن أعطى غلتها لمن شئت من بنى فلان صح الوقف والشرط وله أن يعطى غلتها لمن شاء منهم ولو شاءهم جميعا ثم مات واحد منهم جاز له صرف حصته لمن شاء منهم دون غيرهم. وان أبطل مشيئته فى حصة هذا الذى مات صح وكانت للمساكين.
وهو بهذا قد أبطل حقه فى الادخال الذى ثبت له بمقتضى شرطه فى جزء من الغلة وهو نصيب من مات دون باقيها.
فاسقاط حق الادخال والاعطاء مما يقبل التجزئة.
وهكذا باقى الشروط المعروفة بالشروط العشرة فى الاصطلاح الحديث وهى:
الادخال والاخراج. والأعطاء والحرمان.
والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل.
والابدال والاستبدال. هذه الشروط يقبل اسقاطها التجزئة فللواقف أن يسقطها بالنسبة لبعض الموقوف عليهم دون البعض الآخر. وبالنسبة لبعض الموقوف دون بعضه الآخر. وبالنسبة لزمان دون زمان.
وهذا عند من يقول بسقوط هذه الشروط بالاسقاط لأن هذا محل خلاف كبير بين فقهاء الحنفية (١).
هذه جزئيات ومسائل وأمثلة مما ذكره فقهاء الحنفية وفصلوا أحكامه ترى فيها أمثلة لما يتجزأ فيه الاسقاط وأخرى لما لا يتجزأ فيه.
وبالتأمل فى هذه المسائل يتبين أن المراد من تجزى الاسقاط هو تجزؤ محله فى قبول حكمه وهو زوال الحق أو الملك وتلاشيه فيثبت فى بعضه دون البعض الآخر.
والمراد من عدم تجزى الاسقاط عدم تجزى محله فى قبول حكمه. فلا
(١) الاشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٧٤.