للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو كبيرا. وإن كان فقيرا فإن كان قادرا على الكسب فنفقته فى كسبه، لأنه حينئذ يكون مستغنيا بكسبه، وإن كان غير قادر على الكسب لعجزه حقيقة بأن كان صغيرا لم يبلغ حد الكسب أو مريضا مرضا مزمنا منعه عن الكسب كالجنون والعته والشلل ونحو ذلك، أو لعجزه عن الكسب حكما، بأن كان مشتغلا بطلب العلم، فإن نفقته تكون على أبيه إذا كان الأب موسرا أو قادرا على الكسب، ولا يشترط‍ فى وجوب نفقة الابن على أبيه اتحاد الدين، لأنها وجبت بسبب الولادة والجزئية وإن كان الأب غير موجود أو كان فقيرا وعاجزا عن التكسب، وكانت الأم موسرة فنفقة الابن تجب على الأم إذا لم يكن معها جد صحيح للابن، فان كان معها جد صحيح فالنفقة عليها وعلى الجد أثلاثا - الثلث على الأم والثلثان على الجد. وكما تجب نفقة الابن على أحد أبويه على النحو الذى سبق بيانه، فإن نفقة الأبوين الفقيرين، تكون واجبة على الابن، إذا كان الابن موسرا، ولو كان صغيرا، وإن كان الابن فقيرا وعاجزا عن الكسب فلا نفقة لهما عليه، وإن كان قادرا على الكسب وفى كسبه فضل يتسع لنفقة الفقير منهما أو لنفقتهما معا وكانا فقيرين فعليه النفقة، وإن كان فضل كسبه لا يتسع إلا لنفقة أحدهما وكلاهما فقير فهل يكلف بالإنفاق على أبيه أو على أمه؟ اختلف العلماء فى ذلك، ولا يشترط‍ فى وجوب نفقة الأب الفقير على ابنه عجزه عن الكسب بل تجب له النفقة ولو كان قادرا على الكسب، ولا يكلف بالتكسب لما فى ذلك من الإيذاء المنهى عنه شرعا، لأن الإيذاء فى ذلك أكثر منه فى التأفيف المحرم بقوله تعالى: «فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما» (١).

أما الأم الفقيرة فإنها بحكم أنوثتها تعتبر عاجزة عن التكسب ولا يشترط‍ فى وجوب نفقة الأبوين على الابن اتحاد الدين لما سبق بيانه، وتسقط‍ نفقة الابن بمضى المدة الطويلة حتى ولو كانت مفروضة إلا إذا كانت مستدانة بإذن القاضى - أى أذن له القاضى بالإستدانة واستدانها - فعلا والمدة الطويلة هى الشهر فأكثر، وإنما سقطت نفقته بمضى المدة الطويلة، لأنها وجبت له على أبيه باعتبار حاجته إليها، ومحافظة على نفسه من الهلاك، فإذا مضت المدة ولم يطالب بها فقد تبين بذلك أن حاجته إلى النفقة قد اندفعت واستثنى بعض الفقهاء نفقة الصغير المفروضة وألحقها بنفقة الزوجة فى أنها تصير دينا بالقضاء ولا تسقط‍ بمضى المدة الطويلة فى هذه الحالة (٢)

وقال فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة:

الابن الغنى نفقته فى ماله، والفقير العاجز عن الكسب نفقته على أبيه الموسر، والفقير القادر على الكسب نفقته فى كسبه، ويرى بعض الشافعية أن الابن الفقير القادر على الكسب نفقته على أبيه الموسر.

وقال فقهاء الزيدية: نفقة الابن الصغير أو المجنون سواء كان موسرا أو معسرا على أبيه إن كان موسرا أو فقيرا كسوبا، فإن كان الأب لا كسب له فنفقة الابن فى ماله إن كان غنيا، وإن كان فقيرا فنفقته على أمه الموسرة لترجع بها على الأب على تفصيل


(١) سورة الإسراء: ٢٣.
(٢) الدرر وحاشيته ج‍ ١ ص ٤١٨ - ٤٢١.
والدرر وحاشية ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٩٢٣ وما بعدها الطبعة الثالثة.