وانما الابراء منها والاسقاط فيها صحيح فى حق الرد الى مالكها المبرئ وفى حق الضمان كما فى أبراء غاصب العين وفى حق الدعوى حيث لا تقبل الدعوى بها بعد الابراء اذا كان الخصم منكرا .. ومع ذلك فأن الفقهاء جميعا متفقون على صحة العتق وأنه اسقاط لملك العين على خلاف الأصل المتقدم.
الثانى: الدين.
فان الجميع متفقون على أن الدين يسقط بالاسقاط لأنه ما دام فى الذمة فهو حق مجرد والحقوق المجردة تسقط بالاسقاط وباب الابراء من الدين باب واسع فى كتب الفقه فى جميع المذاهب.
والخلاف بين الفقهاء فى أن الابراء يعتبر تمليكا أو اسقاطا أى أن الغالب فيه هو معنى التمليك أو معنى الاسقاط وقد تقدم القول فى ذلك وبيان الآراء فيه.
والثالث: المنافع.
وقد تقدم أن الطلاق اسقاط والمسقط فيه هو ملك منافع البضع. وأن الموصى له بالسكنى فى دار لو أسقط حقه فى السكنى يسقط بالاسقاط. ولو باع ورثة الموصى الدار الموصى بسكناها وسلموها للمشترى وأجاز الموصى له البيع ووافق عليه كان هذا اسقاطا منه لحق السكنى الموصى به وكذلك الموصى له بالخدمة لو أسقط حقه فى ذلك يسقط وهذه الحقوق كلها منافع. ولكن اذا كان اسقاط المنفعة يخالف المشروع ويقتضى تغييره فلا يصح كالمستعير يسقط حقه فى الانتفاع بالعارية مع بقاء الاعارة واستمرار عقدها بين المعير والمستعير لأن موجب العقد ملك الانتفاع بالعارية.
فاسقاط هذا الحق مع بقاء العقد تغيير لمقتضاه ومؤد لوجود عارية قائمة لا يصحبها ملك المنفعة. وكذلك الحال فى الاجارة لا يصح للمستأجر اسقاط حق الانتفاع بالعين المؤجرة مع بقاء عقد الاجارة لنفس السبب والتوجيه.
فالأصل فى المنافع أن تقبل الاسقاط الا لمعنى يمنع من ذلك كتغيير المشروع.
الرابع: الحقوق المجردة.
ذلك أن الحق على ضربين حق متقرر وثابت فى المحل الذى تعلق به وحق ليس بمتقرر فيه ويسمى الحق المجرد أو مجرد الحق.
وقد قالوا فى الفرق بينهما أن ما يتغير بالصلح عما كان عليه قبل الصلح فهو حق متقرر كالقصاص اذا صالح منه ولى الدم على مال سقط القصاص فقبل الصلح كانت نفس القاتل مباحة فى حق من له القصاص وبالصلح سقط القصاص وحصلت للقاتل العصمة فى نفسه ودمه فتغير الوضع بالصلح فكان حق القصاص حقا متقررا - أما اذا لم يتغير الأمر بالصلح عما كان عليه