للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفس، والدفاع عن النفس واجب فان الأب المسلم إذا قصد قتل ابنه جاز للابن قتله فالكافر أولى (١) ولا يجوز للابن أن يقتل أباه إذا كان من أهل البغى (٢) وهم الخارجون على الإمام.

وقال فقهاء الشافعية: يكره للابن أن يقتل أباه الحربى وليس هذا الحكم عندهم خاصا بقتل الابن أباه بل يكره لكل غاز قتل قريب له من الكفار فإذا كان القريب محرما كانت الكراهية أشد، إلا أن يسمعه يسب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يكره قتله (٣).

وقال فقهاء الحنابلة (٤): للابن أن يقتل أباه الحربى، لأن أبا عبيدة قتل أباه فى الجهاد فأنزل الله تعالى {(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٥).

وقال فقهاء المالكية يكره للابن قتل أبيه الباغى سواء كان الأب مسلما أو غير مسلم بارز ولده بالقتال أم لا، وكذلك يكره للابن قتل أمه، بل هى أولى لما جبلت عليه من الحنان والشفقة ولضعف مقاتلتها عن مقاتلة الرجال وإذا قتل الابن أباه ورثه إن كان مسلما لأن القتل وإن كان عمدا لكنه غير عدوان، ولا يكره قتل الابن أو الجد أو الأخ (٦).

وقال فقهاء المالكية أيضا يجوز للابن قتل الأب الحربى لأن بر الوالدين وإن كان واجبا حتى ولو كانا مشركين لقوله تعالى: {(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً} (٧) إلا أن هذا فى غير الحربيين، أما الأبوان الحربيان فيجب اجتنابهما وللابن قتلهما (٨).

وقال فقهاء الزيدية لا يجوز للابن أن يقتل أباه إذا كان حربيا أو من أهل البغى، وليس هذا الحكم عندهم خاصا بوصف الأبوة والبنوة، بل عام يشمل الرحم مطلقا، سواء كان محرما أو غير محرم، فيشمل الأب وإن علا والابن وإن سفل، والإخوة والأعمام وبنيهم ونحو ذلك، لأن فى ذلك قطيعة الرحم، واستثنوا من ذلك ما يأتى:

أولا: إذا قتله دفاعا عن نفسه أو عن غيره أو دفاعا عن ماله أو مال غيره إذا كان لم يندفع إلا بالقتل.

ثانيا: للابن أن يقتل أباه الحربى أو الباغى بنفسه إذا خاف أن يقتله غيره من المسلمين لئلا يحقد على من قتله فيؤدى إلى التباغض والشحناء بينه وبين غيره من سائر المسلمين (٩).

ويرى ابن حزم من فقهاء الظاهرية أنه لا حرج على الابن فى قصده قتل أبيه الحربى


(١) الزيلعى ج‍ ٣ ص ٢٤٥ والدرر ج‍ ١ ص ٢٨٣، ٢٨٤.
(٢) حاشية الدرر ج‍ ١ ص ٢٨٣.
(٣) شرح جلال الدين المحلى وحاشيتى القليوبى وعميرة ج‍ ٤ ص ٢١٨.
(٤) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٦١.
(٥) سورة المجادلة: ٢٢.
(٦) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى ج‍ ٤ ص ٣٠٠.
(٧) سورة لقمان: ١٥.
(٨) التاج المذهب ج‍ ٤ ص ٤٣١.