للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم علق ابن عابدين على ذلك بقوله: ان صاحب النهر ليس من أهل الترجيح، فلا يعارض ترجيحه ترجيح نجم الائمة ولا سيما مع ضعف تعليله، فان القول بوجوب أجرة المسكن ليس مبنيا على وجوب الأجر على الحضانة بل على وجوب نفقة الولد فقد تكون الحاضنة لا مسكن لها أصلا، بل تسكن عند غيرها فكيف يلزمها أجرة مسكن لتحضن فيه الولد؟ بل الوجه لزومه على من تلزمه نفقته.

ونقل الخير الرملى عن المصنف أنه اختلف فى لزومه والأظهر اللزوم كما فى بعض المعتبرات قال الرملى وهذا يعلم من قولهم اذا احتاج الصغير الى خادم يلزم الأب فان احتياجه الى المسكن مقرر، قال ابن عابدين واعتمده ابن الشحنة مخالفا لما اختاره ابن وهبان وشيخه الطرسوسى.

والحاصل أن الأوجه لزومه لما قلنا، لكن هذا انما يظهر لو لم يكن لها مسكن، أما لو كان لها مسكن يمكنها أن تحضن فيه الولد ويسكن تبعا لها فلا، لعدم احتياجه اليه، فينبغى أن يكون ذلك توفيقا بين القولين، ويشير اليه قول أبى حفص: وليس لها مسكن، ولا يخفى أن هذا هو الأرفق للجانبين فليكن عليه العمل.

ثم قال صاحب الدر المختار: واذا بلغت (١): الجارية مبلغ النساء ولم يكن لها أب ولا جد ولا غيرهما من العصبات أو كان لها عصبة مفسدة فان الحاكم ينظر، فان كانت مأمونة على نفسها خلاها تنفرد بالسكنى، والا وضعها عند امرأة أمينة قادره على الحفظ‍ بلا فرق فى ذلك بين بكر وثيب، لأنه جعل ناظرا للمسلمين ذكره العينى وغيره

وجاء فى الفتاوى الهندية (٢): أن مكان الحضانة هو مكان الزوجين اذا كانت الزوجية بينهما قائمة حتى لو أراد الزوج أن يخرج من البلد فأراد أن يأخذ ولده الصغير ممن له الحضانة من النساء فليس له ذلك حتى يستغنى عنها، وان أرادت المرأة أن تخرج من المصر الذى هو فيه الى غيره فللزوج أن يمنعها من الخروج وكذلك اذا كانت معتدة لا يجوز لها الخروج مع الولد.

واذا وقعت الفرقة بين الرجل وامرأته فأرادت أن تخرج بالولد عند انقضاء عدتها الى مصرها، فان كان النكاح وقع فى مصرها فلها ذلك، وان كان النكاح وقع فى غير مصرها فليس لها ذلك الا أن يكون بين موضع الفرقة وبين مصرها قرب بحيث لو خرج الأب لمطالعة الولد يمكنه الرجوع الى منزله قبل الليل فحينئذ هذه بمنزلة محال مختلفة فى مصر ولها أن تتحول


(١) الدر المختار شرح تنوير الأبصار مع حاشية ابن عابدين ج ٢ ص ٨٨٣ الطبعة السابقة.
(٢) الفتاوى الهندية المسماة بالفتاوى العالمكرية ج ١ ص ٥٤٣ الطبعة السابقة.