والريبة، وظاهر أنها لو كانت بمسكن زوج لها لم يجز لها أن تدخله الا باذن منه فان لم يأذن أخرجتها اليه ليراها، ويتفقد حالها، ويلاحظها بقيام تأديبها وتعليمها وتحمل مؤنتها.
وكذا حكم الصغير غير المميز والمجنون الذى لا تستقل الأم بضبطه فيكونان عند الأم ليلا ونهارا ويزورهما الأب ويلاحظهما وان اختار الولد المميز أبويه أقرع بينهما قطعا للنزاع ويكون عند من خرجت قرعته منهما فان لم يختر واحدا منهما فالأم أولى لأن الحضانة لها ولم يختر غيرها وقيل يقرع بينهما وبه أجاب البغوى، لأن الحضانة لكل منهما، ولو اختار غيرهما فالأم أولى أيضا استصحابا لما كان.
ثم ما تقدم فى أبوين مقيمين فى بلد واحدة، وحينئذ لو أراد أحدهما سفر حاجة كتجارة وحج. طويلا كان السفر أم لا كان الولد المميز وغيره مع المقيم من الأبوين حتى يعود المسافر منهما، لما فى السفر من الخطر والضرر.
تنبيه: لو كان المقيم الأم وكان فى مقامه معها مفسدة أو ضياع مصلحة كما لو كان يعلمه القرآن أو الحرفة وهما ببلد لا يقوم غيره مقامه فى ذلك فالمتجه كما قاله الزركشى تمكين الأب من السفر به لا سيما ان اختاره الولد.
ولو أراد كل منهما السفر لحاجة واختلف طريقهما ومقصدهما فللرافعى فيه احتمالان.
أحدهما: يدام حق الأم.
والثانى: أن يكون مع الذى مقصده أقرب أو مدة سفره أقصر.
والمختار الأول وهو مقتضى كلام الأصحاب.
وفى موضع (١) آخر ان بلغ المحضون نظر، فان كان غلاما وبلغ رشيدا ولى أمر نفسه لاستغنائه عمن يكفله فلا يجبر على الاقامة عند أحد أبويه، والأولى أن لا يفارقهما ليبرهما.
قال الماوردى وعند الأب أولى للمجانسة.
نعم ان كان أمرد أو خيف من انفراده ففى العدة عن الأصحاب أنه يمنع من مفارقة الأبوين.
أما ان بلغ عاقلا غير رشيد فأطلق مطلقون أنه كالصبى.
وقال ابن كج ان كان لعدم اصلاح ماله فكذلك، وان كان لدينه فقيل تدام حضانته الى ارتفاع الحجر.
والمذهب أن يسكن حيث شاء.
قال الرافعى: وهذا التفصيل حسن.
وان كان أنثى فان بلغت رشيدة فالأولى أن تكون عند أحدهما حتى تتزوج ان كانا مفترقين وبينهما ان كانا مجتمعين، لأنه أبعد عن التهمة، ولها أن تسكن حيث شاءت ولو بأجرة، هذا اذا لم تكن ريبة فان كانت فللأم اسكانها معها، وكذا للولى من العصبة اسكانها معه اذا كان محرما لها، والا ففى
(١) مغنى المحتاج للخطيب الشربينى ج ٣ ص ٤٢٢ الطبعة السابقة.