للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به ويستعمله فى منزله فاذا فعل ذلك فهو ساكن وحانث فى يمينه، لأن السكنى هى الكون فى المكان على طريق الاستقرار فان من جلس فى المسجد وبات فيه لا يسمى ساكن المسجد، وان كان فى الدار ساكنا فحلف لا يسكنها فانه لا يبر حتى ينتقل عنها بنفسه وأهله وولده الذين معه ومتاعه ومن كان يأويها لخدمته والقيام بأمره فى منزله، فان لم يفعل ذلك ولم يأخذ فى النقلة من ساعته وهى ممكنة حنث وههنا ثلاثة فصول.

أحدها: اذا حلف لا يسكن فانتقل بأهله ومتاعه فى الحال لم يحنث فى قول أصحابنا الثلاثة وعند زفر يحنث.

والثانى: اذا انتقل بنفسه ولم ينتقل بأهله ومتاعه، قال أصحابنا،: يحنث لأن سكنى الدار انما يكون بما يسكن به فى العادة، لما ذكرنا من أن السكنى اسم للكون على وجه الاستقرار ولا يكون الكون على هذا الوجه الا بما يسكن به عادة فاذا حلف لا يسكنها وهو فيها فالبر فى ازالة ما كان به ساكنا، فاذا لم يفعل حنث وهذا لأنه بقوله لا أسكن هذه الدار فقد منع نفسه عن سكنى الدار وكره سكناها لمعنى يرجع الى الدار والانسان كما يصون نفسه عما يكره يصون أهله عنه عادة وكانت يمينه واقعة على السكنى وعلى ما يسكن به عادة فاذا خرج بنفسه وترك أهله ومتاعه فيه لم يوجد شرط‍ البر فيحنث ولأن من حلف لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه وترك أهله ومتاعه فيها يسمى فى العرف والعادة ساكن الدار ألا ترى أنه اذا قيل له وهو فى السوق أين تسكن؟ يقول فى موضع كذا وان لم يكن هو فيه.

والثالث: اذا انتقل بنفسه وأهله وماله ومتاعه وترك من أثاثه شيئا يسيرا قال أبو حنيفة يحنث، لأن شرط‍ البر ازالة ما به صار ساكنا فاذا بقى منه شئ لم يوجد شرط‍ البر بكماله فيحنث.

وقال أبو يوسف اذا كان المتاع المتروك لا يشغل بيتا ولا بعض الدار لا يحنث، لأن اليسير من الاثاث لا يعتد به، لأنه لا يسكن بمثله فصار كالوتد، ولست أجد فى هذا حدا وانما هو على الاستحسان، وعلى ما يعرفه الناس.

وقيل معنى قول أبى حنيفة اذا ترك شيئا يسيرا يعنى ما لا يعتد به ويسكن بمثله فاذا خلف فيها وتدا أو مكنسة لا يحنث، فان منع من الخروج والتحول بنفسه ومتاعه وأوقعوه وقهروه لا يحنث وان أقام على ذلك أياما، لأنه ما يسكنها بل أسكن فيها فلا يحنث، ولأن البقاء على السكنى يجرى مجرى الابتداء.

ومن حلف لا يسكن هذه الدار وهو خارج الدار فحمل اليها مكرها لم يحنث وكذا البقاء اذا كان باكراه.

وقال محمد اذا خرج من ساعته وخلف متاعه كله فى المسكن فمكث فى طلب المنزل أياما ثلاثا فلم يجد ما يستأجره وكان يمكنه أن يخرج من المنزل ويضع متاعه خارج