للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتباين الدارين (١)

وقال فقهاء المالكية: إن الحربى إذا أسلم فولده الذى حملت به أمه قبل إسلامه لا يكون معصوما بل يكون غنيمة سواء كان الولد صغيرا أو كبيرا وسواء أسلم الحربى وفر إلينا أو بقى فى دار الحرب، وأما ولده الذى حملت به أمه بعد إسلام أبيه فيكون حرا، أى يكون معصوما بإسلام أبيه (٢).

وقال فقهاء الشافعية إذا أسلم الحربى قبل أسره فإن ابنه الصغير والكبير المجنون والحمل يكون معصوما بإسلام أبيه، لأنه يكون مسلما تبعا لأبيه وكذلك إذا أسلم الحربى بعد الأسر لأنه إذا أسلم بعد الأسر فقد عصم الإسلام دمه لقوله عليه الصلاة والسلام (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم). وولده الصغير والكبير المجنون والحمل يكون مسلما تبعا لإسلام أبيه فيكون معصوما (٣).

ومذهب الحنابلة: كمذهب الشافعية فإذا أسلم الحربى فى دار الحرب أو بعد السبى فإن ابنه الصغير والكبير المجنون والحمل يكون معصوما بإسلام أبيه لأنه يكون مسلما تبعا له. أما ابنه الكبير العاقل فإنه لا يكون معصوما بإسلام أبيه فقد جاء فى كشاف القناع: إذا أسلم حربى فى دار الحرب أحرز دمه وماله ولو منفعة أجارة لقوله عليه الصلاة والسلام (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم). وأحرز أولاده الصغار والمجانين ولو حملا، فى السبى كانوا أو فى دار الحرب، للحكم بإسلامه تبعا له، ولا يعصم أولاده الكبار لأنهم لا يتبعونه (٤)

وقال فقهاء الزيدية: إذا أسلم الحربى فى دار الإسلام أو فى دار الحرب فإن ابنه الصغير أو المجنون حال إسلامه يكون معصوما بإسلام أبيه، فلا يجوز للمسلمين إذا استولوا على دار الحرب أن يسبوا طفله وولده المجنون لأنه قد صار مسلما بإسلام أبيه (٥).

ويرى ابن حزم من فقهاء الظاهرية أن الابن الصغير والحمل الذى فى بطن الزوجة كلاهما يكون معصوما بإسلام أبيه سواء أسلم الأب الحربى فى دار الإسلام أو فى دار الحرب ثم خرج إلى دار الإسلام أو لم يخرج لأن الابن الصغير يعتبر مسلما حرا تبعا لأبيه، وكذلك الحمل الذى فى بطن الزوجة أما الابن الكبير فإنه لا يكون معصوما بإسلام أبيه. فإذا سبى كان فيئا (٦).

ويذهب فقهاء الإمامية: إلى أن الأناسى تملك بالسبى مع الكفر الأصلى وكونهم غير ذمة. واحترز بالأصلى عن الارتداد فلا يجوز السبى وإن كان المرتد حكمه كالكافر فى جملة من الأحكام وحيث يملكون بالسبى يسرى الرق فى أعقابهم وإن أسلموا بعد الأسر ما لم يعرض لهم سبب محرر من عتق أو كتابة أو غير ذلك (٧).


(١) الزيلعى ج‍ ٣ ص ٢٧٠ الدرر ج‍ ١ ص ٢٩٤، ٢٩٥.
الدر ج‍ ٣ ص ٣٤٨، ٣٤٩.
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى ج‍ ٢ ص ٢٠٠.
(٣) شرح جلال الدين المحلى وحاشيتى القليوبى وعميرة ج‍ ٤ ص ٢٢٠، ٢٢١.
(٤) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٥٥ شرح منتهى الإرادات على هامش كشاف القناع ج‍ ١ ص ٧٢٤.
(٥) التاج المذهب ج‍ ٤ ص ٤٤٣.
(٦) المحلى ج‍ ٧ ص ٣٠٩.
(٧) الروضة البهية ج‍ ٢ ص ٢٩٣.