للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانه لا يحنث وكذا كل دار عظيمة فيها مقاصير ومنازل، لأن المساكنة هى الاختلاط‍ والقرب، فاذا كانا فى حجرتين فى دار صغيرة فقد وجد القرب فهو كبيتين من دار، وان كانا فى حجرتين من دار عظيمة فلا يوجد القرب فهو كدارين فى محلة.

وقال هشام عن محمد: اذا حلف لا يساكن فلانا ولم يسم دارا فسكن هذا فى حجرة وهذا فى حجرة لم يحنث الا أن يساكنه فى حجرة واحدة قال هشام قلت: فان حلف لا يساكنه فى هذه الدار فسكن هذا فى حجرة وهذا فى حجرة قال يحنث.

ولمحمد أن الحجرتين المختلقتين كالدارين بدليل أن السارق من احداهما اذا نقل المسروق الى الأخرى قطع وليس كذلك اذا حلف لا يساكنه فى دار لأنه حلف على أن لا يجمعهما دار واحدة وقد جمعتهما وان كانا فى حجرها.

ولأبى يوسف أن المساكنة هى الاختلاط‍ والقرب فاذا كانا فى حجرتين فى دار صغيرة فقد وجد القرب فهو كبيتين من دار وان كانا فى حجرتين من دار عظيمة فلا يوجد القرب فهو كدارين فى محلة، فان سكن هذا فى بيت من دار وهذا فى بيت وقد حلف لا يساكنه ولم يسم دارا حنث فى قولهم لأن بيوت الدار الواحدة كالبيت الواحد ألا ترى أن السارق لو نقل المسروق من أحد البيتين الى الآخر لم يقطع.

وقال أبو يوسف: فان ساكنه فى حانوت فى السوق يعملان فيه عملا أو يبيعان فيه تجارة فانه لا يحنث.

ثم قال (١): وانما اليمين على المنازل التى هى المأوى وفيها الأهل والعيال فأما حوانيت البيع والعمل فليس يقع اليمين عليها الا أنه ينوى أو يكون بينهما قبل اليمين بدل يدل عليها فتكون اليمين على ما تقدم من كلامهما ومعانيهما، لأن السكنى عبارة عن المكان الذى يأوى اليه الناس فى العادة، ألا ترى أنه لا يقال: فلان يسكن السوق، وان كان يتجر فيها، فان جعل السوق مأواه قيل أنه يسكن السوق، فان كان هناك دلالة تدل على أنه أراد باليمين ترك المساكنة فى السوق حملت اليمين على ذلك وان لم يكن هناك دلالة فقال نويت المساكنة فى السوق أيضا فقد شدد على نفسه.

قالوا: اذا حلف لا يساكن فلانا بالكوفة ولا نية له فمكن أحدهما فى دار والاخر فى دار أخرى فى قبيلة واحدة أو محلة واحدة أو درب فانه لا يحنث حتى تجمعهما السكنى فى دار لأن المساكنة هى المقاربة والمخالطة ولا يوجد ذلك اذا كانا فى دارين وذكر الكوفة لتخصيص اليمين بها حتى لا يحنث بمساكنته فى غيرها.

فان قال: نويت أن لا أسكن الكوفة والمحلوف عليه بالكوفة صدق لأنه شدد على نفسه.


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٣ ص ٧٤ الطبعة السابقة.