للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يدرى كم يكون منهما قمحا وكم يكون شعيرا ولا يجوز القطع بأنهما نصفان، لأنه لا دليل على ذلك، ولو أسلم اثنان الى واحد فهو جائز والسلم بينهما على قدر حصتهما فى الثمن الذى يدفعان لأن الذى أسلما فيه انما هو بازاء الثمن بلا خلاف. فلو أسلم واحد الى اثنين صفقة واحدة فهما فيما قبضا سواء، لأنهما شريكان فيه وأخذاه معا فلا يجوز أن يتفاضلا فيه الا بأن يتبين عند العقد أن لهذا ثلثه ولهذا ثلثيه أو كما يتفقون (١).

قال ابن حزم: والسلم جائز فى الدنانير والدراهم اذا سلم فيهما عرضا، لأنهما وزن معلوم، فهو حلال بنص كلام النبى صلّى الله عليه وسلّم، ومن السلم الجائز أن يسلم الحيوان الذى يجوز تملكه وتمليكه وان لم يجز بيعه أو جاز بيعه فى لحم من صنفه ان كان يحل أكل لحمه، أو فى لحم من غير صنفه كتسليم عبد أو أمة أو كلب أو كبش أو ابل، أو غير ذلك كله فى لحم كبش أو لحم ثور أو غير ذلك، لأنه كله سلف فى وزن معلوم الى أجل معلوم ولا يجوز السلف فى الحيوان أصلا، لأنه ليس يكال ولا يوزن. وجائز أن يسلم البر فى دقيق البر، ودقيق البر فى البر متفاضلا وكيف أحبا. وكل شئ حاشا ما بينا فى كتاب الربا وهو الذهب فى الفضة أو الفضة فى الذهب فلا يحل أصلا، أو التمر والشعير والبر والملح، فلا يجل أن يسلف صنف منها لا فى صنفه ولا فى غير صنفه منها خاصة، وكلها يسلف فيما ليس منها من المكيلات والموزونات. وحاشا الزرع أى زرع كان، فلا يجوز تسليخه فى القمح أصلا. وحاشا العنب والزبيب فلا يجوز تسليف أحدهما فى الآخر كيلا ويجوز تسليف كل واحد منهما فى الآخر وزنا (٢).

السادس من الشروط‍: أن يكون المسلم فيه مما يوجد حين حلول أجله سواء كان ذلك لا يوجد حين عقد السلم أو يوجد وسواء كان عند المسلم اليه من المسلم فيه شئ أو لم يكن، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسلم وبين فى الكيل وفى الوزن والى أجل فلو كان كون السلم فى الشئ لا يجوز الا فى حال وجوده أو الى من عنده ما أسلم اليه فيه لما أغفل صلّى الله عليه وسلّم بيان ذلك حتى يكلنا الى غيره.

وأما السلم فيما لا يوجد حين حلول أجله فهو تكليف ما لا يطاق وهذا باطل قال الله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ٣». فهو عقد على باطل فهو باطل (٤).


(١) المرجع السابق ج ٩ ص ١١٣ مسئلة رقم ١٦١٩ الطبعة المتقدمة.
(٢) المحلى لابن حزم ج ٩ ص ١١٠ وما بعدها مسألة رقم ١٦١٨ طبعة مطبعة الامام بمصر.
(٣) الآية رقم ٢٧٦ من سورة البقرة.
(٤) المرجع السابق ج ٩ ص ١١٤ مسئلة رقم ١٦٢١ نفس الطبعة.