وان أسلم دراهم كل واحد منهما على حدة الى رجل واحد ثم اقتضى شيئا فادعى كل واحد منهما أى الآمرين أنه من حقه فالقول قول المسلم اليه، لأنه هو المالك لما يوفى من الطعام فرجع فى بيان ما يتملك اليه، فان كان هو غائبا فالقول قول الوكيل، لأنه أحد المتعاقدين، ولأن كل واحد منهما انما يتملك بعقد باشره الوكيل فعند الاشتباه يرجع فى البيان اليه، فاذا قدم المسلم اليه وكذب الوكيل فالقول قول المسلم اليه، لأنه هو الأصل فى هذا البيان.
وان أسلم الوكيل الى نفسه فهو باطل لأن الواحد فى عقد التجارة لا يصلح أن يكون مباشرا للعقد من الجانبين لما فيه من تضاد الأحكام فانه يكون مملكا متملكا مسلما متسلما مخاصما متخاصما وذلك لا يجوز، هذا الى أنه متهم فى حق نفسه.
وكذلك اذا أسلم الوكيل الى شريك له مفاوض لأنهما بعقد المفاوضة صارا كشخص واحد فى عقود التجارة فكل واحد منهما مطالب بما يجب على صاحبه فهو وما لو كان أسلم الى نفسه سواء فان أسلم الى شريك له عنان جاز اذا لم يكن من تجارتهما، لأن كل واحد منهما من صاحبه كسائر الأجانب فيما ليس من تجارتهما.
أما اذا أسلم الوكيل الى عبده لم يجز، لأن كسب العبد لمولاه، فهو متهم فى ذلك وكذلك اذا أسلم الى مكاتبه، لأن له حق الملك فى كسب المكاتب.
أما لو أسلم الوكيل الى ابنه أو الى أحد أبويه أو زوجته فان أبا حنيفة يرى أنه لا يجوز، لأن مطلق الوكالة تتقيد بالتهمة وكل واحد منهما متهم فى حق صاحبه.
ويرى أبو يوسف ومحمد أنه يجوز، لأنه ليس لواحد منهما فى مال صاحبه ملك ولا حق فى ملك فكان بمنزلة ما لو أسلم الى أخيه فانه يجوز. (١)
واذا وكل الوكيل بالسلم رجلا يقبض المسلم فيه ممن عليه فقبضه برئ المسلم اليه منه لأن الوكيل فى حق القبض كالعاقد لنفسه حتى يختص بالمطالبة به، ولو كان عاقدا لنفسه كان قبض وكيله فى براءة المسلم اليه كقبضه بنفسه.
فان كان الوكيل الثانى عبدا للوكيل الأول أو ابنه فى عياله أو أجيرا له فهو جائز على الآمر حتى لو هلك فى يده هلك من مال الآمر.
وان كان الوكيل الثانى أجنبيا فالوكيل الأول ضامن للطعام أن ضاع فى يد وكيله، لأن قبض وكيله كقبضه بنفسه ولو قبضه بنفسه ثم دفعه الى أجنبى كان ضامنا فكذلك هنا. فاذا أسلم الوكيل