للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن أقاله من الحيوان الذى أسلم اليه فيه (١).

وذكر سحنون أن مالكا قال فيمن أسلم دابة أو غلاما فى طعام فلم يتغير الغلام ولا الدابة فى يديه بنماء ولا نقصان فحل الأجل فأراد أن يقيله: لا بأس أن يقيله ويأخذ دابته أو غلامه ويقيله من سلمه فان أقاله قبل محل أجله فلا بأس فى ذلك أيضا. فالتغير الذى يتأثر به الحكم هو تغير البدن، أما تغير السوق فلا يؤثر فى صحة الاقالة. فقد ذكر سحنون أن مالكا لم ير بأسا فى أن يقيله من سلمه ويأخذ دابته بعد شهرين أو ثلاثة، فلو كان حكم الاقالة يتغير تبعا لتغير الأسواق لمنع مالك مثل ذلك، لأن فى شهرين أو ثلاثة ما تحول فيه أسواق الدواب (٢).

أما اذا تغير الغلام أو الدابة فى يدى المسلم اليه بأن دخلها نقصان أو نماء فان الاقالة فى هذه الحالة لا تصح على ما رواه سحنون فى المدونة من أن مالكا لا يعجبه الاقالة فى السلم اذا دخل المسلم العبد نقصان بين من عور أو عيب من العيوب، ولا يرى فى مثل تلك الاقالة خيرا. وأن ابن القاسم يرى النماء بمنزلة الدابة العجفاء تسمن أو الصغير يكبر، أو البيضاء العينين يذهب بياضهما والصماء يذهب صممها ان ذلك لا ينبغى فيه الاقالة، لأنه زيادة أما لو كان المسلم جارية مهزولة فسمنت فانه لا يرى به بأسا (٣).

واذا تقايلا السلم وكانت دراهم رب السلم فى يد المسلم اليه، فان له أن يعطيه نفس دراهمه وله أن يعطيه غيرها اذا كانت مثل دراهمه حتى ولو لم يفارقه.

فان كانت الدراهم قائمة بعينها عنده وأقاله على أن يدفع اليه دراهمه بعينها لم يلزمه الشرط‍ وجاز له أن يدفع اليه غيرها بخلاف ما اذا كان طعاما فان لرب السلم أن يأخذه ان كان قائما بعينه اشترط‍ أم لم يشترط‍، لأن الدراهم لا يشترى بأعيانها والطعام وما يوزن وما يكال مما يؤكل ويشرب أو لا يؤكل ولا يشرب قد يشترى بعينه (٤).

هذا والاقالة على القيمة لا تجوز، فلو أن رجلا أسلم الى رجل ثوبا فى طعام الى أجل فهلك الثوب ثم استقاله فأقاله لم تجز الاقالة لأن الثوب قد ضاع، ولا تكون الاقالة على القيمة ولا على ثوب يشتريه وانما الاقالة عليه بعينه.

ولو أسلم ثوبا فى طعام ثم تقايلا جازت الاقالة اذا رد الثوب بحضرة الاقالة ولم يؤخر دفع ذلك الثوب فان كان الثوب حين تقايلا قائما عند


(١) المدونة ج ٩ ص ٧٨، ٧٩.
(٢) المرجع السابق ج ٩ ص ٦٩ وما بعدها.
(٣) المرجع السابق ج ٩ ص ٧٠.
(٤) المرجع السابق ج ٩ ص ٧٢.