للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض ولذلك جازت الاقالة فيه بعد القبض. وان وقعت الاقالة ممن السلم عليه لغير من السلم له مثل أن يقول: ان على لزيد عشرة أمداد سلما قيمة درهمين فخذ منى يا بكر درهمين وأعط‍ زيدا عشرة أمداد فان ذلك يجوز عند بعض الأئمة ويمنعه البعض الآخر.

أما من يقول بأن الاقالة ليست بيعا، بل هى فسخ فانه يجيز الاقالة بين المسلم والمسلم اليه ولو قبل قبض المسلم فيه (١).

وينفسخ السلم كالدين بأخذه قبل أجله ولو برضاهما. وكذا ينفسخ بأخذ البعض من الدين أو البعض من السلم قبل الأجل وسواء أخذه قبل الأجل عمدا أو غلطا فى حلوله أو لأن أحدا أوهمهما (٢).

كما ينفسخ اذا أخذ رب السلم رأس ماله أو بعضه ولو بجهل، كأن ظن أن السلم منتقض أو سأل أحدا فأفتى له بنقضه أو تحاكم فحكم عليه بنقضه أو قال له قائل: ان سلمك منتقض فأخذ رأس ماله والسلم فى الحقيقة ليس منتقضا لكنه جهل بما يوصل اليه بالعلم أو بما لا يوصل اليه به. وانتقاض السلم هنا يتم باعطاء المستلف وقبض المسلف فلا يرد المسلف رأس ماله الى المستلف بعد ما رده وكذا أن اتفقا على نقض السلم فنقضاه (٣).

وذكر صاحب النيل أن السلم اذا فسخ بموجب فسخه - ولو بأخذ رأس المال أو بالاتفاق على أن يقبضه - فلا يصح لرب السلم أن يتعرض برأس ماله ان لم يقبضه - عروضا من مسلم اليه، لئلا يكون ذلك ذريعة الى ما لا يجوز لأنه ان باع بأكثر من رأس ماله أخذ زيادة على حقه فكأنه أعطاه دراهم مثلا بزيادة والعروض ذريعة، وان باع بالمساوى ولا نقص لم يجز أيضا طردا للباب وسدا للذريعة.

ولكن شارح النيل أباح لرب السلم هذا التعرض، لأسباب.

أولها: أن ما أخذه ليس من جنس رأس ماله فلا تضر زيادته بالتقويم على رأس ماله لأن التقويم أمر آخر. ومن باب أولى أن لا تضر زيادة ما أخذ اذا باعه بعد ما أخذه.

ثانيهما: أنه قد تقرر أن من له دنانير أو دراهم له أن يأخذ ممن هى عليه ما اتفقا عليه الا الربا فان الصحيح فيه لزوم رد ما أعطى وقد قيل فيه أيضا بجواز المقاصمة والتقاضى بنوع آخر. ودعوى أن المنع مخصوص برأس مال السلف لخروجه عن الأصل


(١) الشيخ محمد بن يوسف اطفيش فى شرح النيل ج ٤ ص ٥٣١.
(٢) شرح النيل ج ٤ ص ٤١٣.
(٣) شرح النيل ج ٤ ص ٣٩٤.