أما اذا كان البدل أعلى من المسلم فيه فان صاحب النيل يمنعه، فلا يصح أن يأخذ رب السلم العلى بدلا من الأدنى لا سواء ولا بالتقويم والتقدير فلا يأخذ برا بدلا من شعير لما يترتب عليه من بيع ما فى الذمة بأكثر.
وقيل يجوز أن يأخذ الأعلى بدلا من الأدنى أيضا كأن يأخذ برا فى شعير، وكل أجود بدل الأردأ من نوعه اذا شرط ذلك فى عقد السلم بناء على جواز البيع والشرط ولا سيما اذا قال له ان لم تجد الأدنى أعطيتنى الأعلى.
أما أن يأخذ من النوع بعينه أجود مما عليه العقد، أو أن يأخذ الزيادة فيجوز عندنا ويدل لذلك ما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم اقترض بكرا فرد رباعيا. ولا يعد بيعا لما فى الذمة كما لا يعد استبدالا بل هو من حسن القضاء.
وان أعطاه من نفس ما أسلم فيه لكنه دون ما أسلم فيه فى الذات أو فى الجودة فان قبله رب السلم من غير زيادة عوض جاز وان قبله على أن يأخذ عوض ما نقص عرضا أو درهما أو دينارا أو نحو ذلك فلا يجوز قيل لأنه اذا أخذ النقص من جنس ما أسلم كالدراهم ففيه أخذ بعض رأس المال وبعض المسلم فيه.
وان أخذ غيره ففيه بيع ما لم يقبض فيصير العقد فى آخر الأمر مشتملا على ما لا يجوز فيفسد كله على الراجح وان أخذ الأفضل وتصدق عليه المتسلف بالزائد فيه أو أخذ منه قيمة ما زاد جاز (١).
وذكر صاحب شرح النيل أن الربيع رحمه الله لا يجيز أن يأخذ رب السلم بعض المسلم فيه وبعض رأس المال، فان فعل ذلك فسد السلم كله ما أخذ من المسلم فيه وما أخذ من رأس المال فيرجع الى رأس ماله كله ويرد ما وصله من المسلم فيه، لأن ذلك ذريعة الى بيع وسلف بأن يكون العقد أولا على السلم وكان مرجعه آخرا الى بيع وسلم فكأنه عقد البيع أولا بسلم وغيره من البيع بأن عد قبض بعض رأس المال بيعا به لما فى الذمة من بقية المسلم فيه وكان ذلك فى معنى بيع ما لم تقبض وبيع ما ليس معك وبيع الطعام قبل أن يستوفى مثلا.
وأما أن أخذ رب السلم رأس ماله كله أو أقل ولم يأخذ بعض المسلم فيه فانه يجوز حينئذ اما أن كان ما أخذه أكثر من رأس ماله فانه لا يصح.
ويجوز على الصحيح أن يأخذ بعض رأس ماله وبعض المسلم فيه وذلك اذا فسخا عقد السلم فى بعض وأبقياه فى بعض وليس على سبيل التقويم، لأنه ذكر رأس المال، لأن التقويم بيع قبل قبض. وهذا من حسن الاقتضاء المأمور