للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخرة يقول الله تعالى «وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ١» ويقول صلى الله عليه وسلم «الناس سواسية كأسنان المشط‍ لا فضل لعربى على عجمى، ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود الا بالتقوى ان أكرمكم عند الله اتقاكم، ألا هل بلغت».

وأما الشرائع فهى الاحكام والتكاليف التى شرعها الله سبحانه وتعالى، ليأخذ الانسان بها بنفسه فى علاقته بربه وفى علاقته بالناس، وهى نوعان.

نوع يتمثل فيما كلف به الناس من أعمال يتقربون بها الى ربهم، ويستحضرون بها عظمته وألوهيته، لتكون وسيلة الى صلاح نفوسهم، وعنوانا على صدق ايمانهم، وهذا ما يسمى بالعبادات.

ونوع يتمثل فى الأحكام التى شرعت، لتكون وسيلة الى حفظ‍ مصالح الناس، ودفع المضار عنهم وتحديد الصلات بينهم على وجه تندفع به المظالم وتصان به الحقوق وتستقر لأصحابها وينتشر العدل ويسود الامن، وهذا ما يعرف بشرائع المعاملة.

والنوع الأول يتناول الصلاة والصيام والزكاة والحج، وذلك ما جعل من أركان الاسلام.

والنوع الثانى يتناول ما يتعلق بنظام الاسرة من حيث اقامتها على أسس قويمة تكفل لها سلامتها ووحدتها وتماسكها وتضمن لها تحقيق أهدافها الاجتماعية وصيانة حقوقها الشخصية والمالية، وذلك ما تقوم به أحكام الزواج والنسب والنفقة والطلاق والولاية والميراث.

وكذلك يتناول ما يتعلق بالمعاملات المالية من التصرف فى الاموال واستثمارها وانفاقها ومنع الاعتداء عليها.

كما يتناول كل ما يتعلق بصيانة الامن وعدم الاعتداء على النفوس وحقوقها الشخصية كالحرية فى الرأى والقول والعمل.

والتشريع فى هذا المجال يقوم على أن لكل من الرجل والمرأة شخصية مستقلة لها حقوقها الشخصية والمالية من أهلية التصرف وأهلية التعاقد وأهلية الالتزام وأهلية التملك، وعلى أن القوامة فى الاسرة ونظامها للزوج، وعلى أن لكل من الزوجين شخصية وذمة مستقلة وحقوقا وواجبات محددة بحيث لا يكون لأحدهما طغيان على صاحبه، ولكل قريب أصل وفرع حقوقا وواجبات تحقق التكافل والتعاون بين اعضاء الاسرة، وذلك ما تهدف اليه قواعد التشريع الاسلامى


(١) الآية رقم ٧٧ من سورة القصص.