قال ابن المواز اذا أودع المستأمن عندنا مالا ثم رجع الى بلده فمات فليرد ماله الى ورثته، وكذلك لو قتل فى محاربته للمسلمين فانا نبعث بماله الذى له عندنا، واما لو أسر ثم قتل صار ماله فيئا لمن أسره وقتله، لأنهم ملكوا رقبته قبل قتله وقاله ابن القاسم وأصبغ.
وكذلك قال ابن حبيب: ان قتل بعد أن اسر قال: وأما ان قتل فى المعركة فهو فئ لا خمس فيه لأنه لم يوجف عليه، وقاله ابن القاسم واصبغ.
قال ابن رشد قول ابن القاسم ان الأسير اذا بيع فى المغانم أو مات أو قتل بعد الأسر يكون المال الذى كان له فى بلد الاسلام مستودعا فيئا للمسلمين معناه يكون غنيمة للجيش فيخمس وتجرى فيه السهام فهو كما أصابوا معه من ماله، وان كان عليه دين فغرماؤه أحق به من الجيش، بخلاف ما غنم معه قاله ابن القاسم.
وأما اذا قتل فى المعركة ولم يؤسر فجعله ابن القاسم بمنزلة ما اذا مات بأرضه فيرد المال المستودع الى ورثته.
وقال ابن حبيب: انه يكون فيئا لجميع المسلمين، وعزاه لابن القاسم، ولا يخمس، ولكلا القولين وجه من النظر.
وجاء فى الدسوقى (١): ووديعة الحربى التى تركها عندنا وسافر الى بلده فترسل لوارثه، وهل مطلقا ان قتل فى معركة بينه وبين المسلمين من غير أسر أو هى فى هذه الحالة فئ لبيت المال لا ترسل؟ قولان، محلهما اذا دخل على التجهيز أو كانت العادة ذلك ولم تطل اقامته، فان طالت كان ماله ولو وديعة فيئا، فان أسر فى المعركة اختص به آسره ان لم يكن جيشا ولا مستندا له والا خمس.
قال الدسوقى: والقولان اللذان ذكرهما المصنف لا يختصان بالوديعة العرفية كما زعمه عبد الباقى، بل موضوعها المال المتروك عندنا مطلقا كما قال ابن عرفة.
ومن فرضهما فى الوديعة كما فى التوضيح وغيره فالظاهر أن مرادهم بالمال المستودع المتروك عند المسلمين كما يؤخذ من كلامهم، لا خصوص الوديعة العرفية.
قال: ولا ينتزع من الحربيين أحرار مسلمون أسروهم، ثم قدموا بهم بأمان عند ابن القاسم على أحد قوليه.
والقول الآخر أنهم ينتزعون منهم جبرا بالقيمة، وهو الذى عليه أصحاب مالك، وبه العمل.
وملك الحربى باسلامه جميع ما بيده مما غصبه أو سرقه أو نهبه غير الحر المسلم من رقيق ولو مسلما أو أم ولد أو معتقا لأجل وذمى وغيرهما، وأما الحر المسلم فلا يملكه ذكرا أو أنثى ولا حبسا محققا ولا ما سرقه زمن عهده ولا دينا فى ذمته ولا وديعة ولا ما استأجره منا حال كفره.
(١) حاشية الدسوقى ج ٢ ص ١٨٧، ١٨٧.