وجاء فى نهاية (١) المحتاج: أنه لا تنجس قلتا الماء بملاقاة نجس، لحديث اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث أى يدفع النجاسة، كما يقال فلان لا يحمل الظلم أى يدفعه عن نفسه:
وشمل ذلك ما لو شك فى كثرته عملا بأصل الطهارة، ولأنا شككنا فى نجاسة منجسه، ولا يلزم من حصول النجاسة التنجيس سواء أكان ذلك ابتداء أم جمع شيئا فشيئا وشك فى وصوله لهما، كما لو شك المأموم هل تقدم على امامه أم لا فانه لا تبطل صلاته ولو جاء من قدامه عملا بالأصل أيضا.
ويعتبر فى القلتين قوة التراد فلو كان الماء فى حفرتين فى كل حفرة قلة وبينهما اتصال من نهر صغير غير عميق فوقع فى احدى الحفرتين نجاسة قال الامام فلست أرى أن ما فى الحفرة الأخرى دافع للنجاسة.
واقتضى اطلاق النووى النجاسة أنه لا فرق بين كونها جامدة أو مائعة وهو كذلك ولا يجب التباعد عنها حال الاغتراف من الماء بقدر قلتين على الصحيح، بل له أن يغترف من حيث شاء حتى من أقرب موضع الى النجاسة فان غير النجس الملاقى فنجس بالاجماع سواء أكان التغير قليلا أم كثيرا، وسواء المخالط والمجاور ولا فرق بين الحسى والتقديرى.
وبيان التقديرى بأن وقعت فيه نجاسة مائعة توافقه فى الصفات كبول انقطعت رائحته ولو فرض مخالفا له فى أغلظ الصفات. كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك لغيره فانه يحكم بنجاسته ولو تغير بعضه فقط فالمتغير نجس وأما الباقى فان كان كثيرا لم ينجس والا تنجس.
ولو بال فى البحر مثلا فارتفعت منه رغوة فهى طاهرة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، لأنها بعض الماء الكثير خلافا لما فى العباب.
ويمكن حمل كلام القائل بنجاستها على تحقق كونها من البول.
وان طرحت فى البحر بعرة مثلا فوقعت منه قطرة بسبب سقوطها على شئ لم تنجسه، فان زال تغيره الحسى أو التقديرى بنفسه لا بعين، كطول مكث وهبوب ريح أو بماء ولو نجسا زيد عليه أو نبع منه أو نقص منه والباقى بعده كثير طهر، لزوال سبب النجاسة فعاد كما كان عليه قبل.
والعلة أن القليل لا يطهر بانتفاء تغيره وهو ظاهر.
ويحتمل أن يطهر بذلك فيما اذا كان تغيره بميت لا يسيل دمه أو نحوه مما يعفى عنه.
(١) نهاية المحتاج للرملى ج ١ ص ٦٣، ص ٦٤، ص ٦٥، ص ٦٦ الطبعة السابقة.