للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصومون وأضحاكم يوم تضحون وعرفتكم يوم تعرفون.

وروى حجكم يوم تحجون.

فقد جعل النبى صلّى الله عليه وسلّم وقت الوقوف أو الحج وقت تقف أو تحج فيه الناس.

والقياس أن لا يصح.

وذلك لانهم وقفوا فى غير وقت الوقوف فلا يجوز، كما لو تبين أنهم وقفوا يوم التروية.

والمعنى فى صحة الوقوف وتمام الحج من وجهين.

أحدهما ما قال بعض مشايخنا: أن هذه شهادة قامت على النفى وهى نفى جواز الحج والشهادة على النفى باطلة.

والوجه الثانى أن شهادتهم جائزة مقبولة لكن وقوفهم جائز أيضا، لان هذا النوع من الاشتباه مما يغلب ولا يمكن التحرز عنه، فلو لم نحكم بالجواز لوقع الناس فى الحرج.

بخلاف ما اذا تبين أن ذلك كان يوم التروية لان ذلك نادر غاية الندرة فكان ملحقا بالعدم.

وهل يجوز وقوف الشهود؟

روى هشام عن محمد رحمهما الله تعالى أنه يجوز وقوفهم وحجهم أيضا.

وقد قال محمد: اذا شهد عند الامام شاهدان عشية يوم عرفة برؤية الهلال فان كان الامام لم يمكنه الوقوف فى بقية الليل مع الناس أو أكثرهم لم يعمل بتلك الشهادة، ووقف من الغد بعد الزوال، لانهم وان شهدوا عشية عرفة لكن لما تعذر على الجماعة الوقوف فى الوقت وهو ما بقى من الليل صاروا كأنهم شهدوا بعد الوقت، فان كان الامام يمكنه الوقوف قبل طلوع الفجر مع الناس أو أكثرهم، بأن كان يدرك الوقوف عامة الناس، الا أنه لا يدركه ضعفة الناس جاز وقوفه، فان لم يقف فات حجه، لانه ترك الوقوف فى وقته مع علمه به والقدرة عليه.

قال محمد رحمه الله تعالى: فان اشتبه على الناس فوقف الامام والناس يوم النحر وقد كان من رأى الهلال وقف يوم عرفة لم يجزه وقوفه وكان عليه أن يعيد الوقوف مع الامام، لان يوم النحر صار يوم الحج فى حق الجماعة ووقت الوقوف لا يجوز أن يختلف فلا يعتد بما فعله بانفراده.

وجاء فى البحر الرائق (١): أنه لو شك فى أركان الحج ذكر الخصاف أنه يتحرى كما فى الصلاة.


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق ج ٢ ص ١١٧ الطبعة السابقة.
والأشباه والنظائر لابن نجيم ج ١ ص ٩٠ الطبعة السابقة.