للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقل حنبل فى دراهم مغشوشة فلو خلصت نقصت الثلث أو الربع لا زكاة فيها، لان هذه ليست بمائتين هما فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاذا تمت ففيها الزكاة.

فان شك هل ما فى المغشوش من ذهب أو فضة نصاب خالص، خير بين سبكه واخراج قدر زكاة نقده ان بلغ نقده نصابا، وبين أن يحتاط‍ للأمر ويخرج زكاته بيقين.

ومتى ادعى رب المال أنه علم الغش، أو أنه احتاط‍ وأخرج الفرض قبل منه بلا يمين وان وجبت الزكاة فى المغشوش لتيقن بلوغ خالصه نصابا.

ولو شك فى زيادة المغشوش على نصاب احتاط‍ ليبرأ بيقين.

فان كان له ألف ذهب وفضة مختلطة ستمائة من أحدهما وأربعمائة من الآخر.

واشتبه عليه من أيهما الستمائة وتعذر المتميز زكى على اعتبار أن ماله ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة لانه يبرأ بذلك بيقين.

وجاء فى المغنى (١): أنه اذا أعطى من يظنه فقيرا فبان غنيا فعن أحمد فيه روايتان.

احداهما: يجزئه اختارها أبو بكر.

وهذا قول الحسن وأبى عبيدة: لان النبى صلّى الله عليه وسلّم «أعطى الرجلين الجلدين» وقال ان شئتما أعطيتكما منها ولا حظ‍ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب.

وقال للرجل الذى سأله الصدقة «ان كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك» ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم.

وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال رجل لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها فى يد غنى فأصبحوا يتحدثون تصدق على غنى فأتى فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت لعل الغنى أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله» متفق عليه.

والرواية الثانية لا يجزئه لانه دفع الواجب الى غير مستحقه فلم يخرج من عهدته كما لو دفعها الى كافر أو ذى قرابة كديون الآدميين وهذا قول الثورى والحسن بن صالح.

وجاء فى كشاف القناع (٢): لا يجوز دفع الزكاة الا لمن يعلم أنه من أهلها أو يظنه من أهلها، لانه لا يبرأ بالدفع الى من ليس من أهلها فاحتاج الى العلم به لتحصل البراءة، والظن يقوم مقام العلم، لتعذر أو عسر الوصول اليه.

فلو لم يظنه من أهلها فدفعها اليه، ثم بان من أهلها لم يجزئه الدفع.


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٢ ص ٥٢٨ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع مع منتهى الارادات ج ١ ص ٤٩٩، ص ٥٠٠ الطبعة السابقة.