للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يحل للشاهد اذا رأى خطه أن يشهد الا أن يتذكر الشهادة، لان الخط‍ يشبه الخط‍ فلم يحصل العلم، والمشتبه لا يفيد العلم كما تقدم.

قيل: هذا على قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وعندهما يحل له أن يشهد.

وقيل: عدم حل الشهادة بالاتفاق.

ولا يجوز للشاهد أن يشهد (١) بشئ لم يعاينه بأن لم يقطع به من جهة المعاينة بالعين أو السماع، الا فى النسب، والموت، والنكاح، أو ولاية القاضى، فانه يسعه أن يشهد بهذه الامور اذا اخبره بها من يثق به من رجلين عدلين، أو رجل وامرأتين، وهذا استحسان.

والقياس أن لا تجوز: لان الشهادة مشتقة من المشاهدة، وذلك بالعلم، ولم يحصل، فصار كالبيع.

ووجه الاستحسان أن هذه أمور تختص بمعاينة اسبابها خواص من الناس، ويتعلق بها احكام تبقى على انقضاء القرون، فلو لم تقبل فيها الشهادة بالتسامع ادى الى الحرج وتعطيل الاحكام، بخلاف البيع، لانه يسمعه كل احد.

ومن شهد ولم يبرح (٢) حتى قال:

اوهمت بعض شهادتى فان كان عدلا جازت شهادته، ومعنى قوله: اوهمت اى اخطأت بنسيان ما كان يحق على ذكره او بزيادة كانت باطلة.

ووجهه أن الشاهد قد يبتلى بمثله لمهابة مجلس القضاء، فكان العذر واضحا فتقبل اذا تداركه فى اوانه، وهو عدل، بخلاف ما اذا قام عن المجلس ثم عاد، وقال: اوهمت، لانه يوهم الزيادة من المدعى بتلبيس وخيانة، فوجب الاحتياط‍.

وروى الحسن عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى: اذا شهد شاهدان لرجل بشهادة ثم زادا فيها قبل القضاء أو بعده وقالا: اوهمنا وهما غير متهمين قبل منهما.

وظاهر هذا أنه يقضى بالكل.

وعن أبى يوسف فى رجل شهد ثم جاء بعد يوم وقال شككت فى كذا وكذا، فان كان القاضى يعرفه بالصلاح تقبل شهادته فيما بقى، وأن لم يعرفه بالصلاح فهذه تهمة.

وعن محمد: اذا شهدوا بأن الدار للمدعى وقضى القاضى بشهادتهم، ثم قالوا: لا ندرى لمن البناء، فانى لا


(١) المرجع السابق ج ٦ ص ٢٠ الطبعة السابقة.
(٢) فتح القدير على الهداية للمرغينانى ج ٦ ص ٥٠، ص ٥١ الطبعة السابقة.