للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجاء المالك فهتك الحرز، وأخذ ماله، فلا قطع عليه عند أحمد سواء أخذه، أو أخذ غيره، لأنه أخفى ماله.

وان سرق غيره ففيه وجهان.

أحدهما: لا قطع، لأن له شبهة فى هتك الحرز وأخذ ماله فصار كالسارق من غير حرز، ولأن له شبهة فى أخذ قدر ماله لذهاب بعض العلماء الى جواز أخذ الانسان قدر دينه من مال من هو عليه.

الثانى: عليه القطع لأنه سرق نصابا من حرزه لا شبهة له فيه، وانما يجوز له أخذ قدر ماله اذا عجز عن أخذ ماله، وهذا أمكنه أخذ ماله فلم يجز له أخذ غيره.

وكذلك الحكم اذا أخذ ماله وأخذ من غيره نصابا متميزا عن ماله، فان كان مختلطا بماله غير متميز منه فلا قطع عليه، لأنه أخذ ماله الذى له أخذه وحصل غيره مأخوذا ضرورة أخذه، فيجب أن لا يقطع فيه، ولأن له فى أخذه شبهة والحد، يدرأ بالشبهات.

ثم قال (١): وان نقص النصاب قبل الاخراج، لم يجب القطع لعدم الشرط‍ قبل تمام السبب، وسواء نقصت بفعله أو بغير فعله.

وان وجدت ناقصة ولم يدر هل كانت ناقصة حين السرقة أو حدث النقص بعدها؟ لم يجب القطع، لأن الوجوب لا يثبت مع الشك فى شرطه ولأن الاصل عدمه.

وجاء فى موضع آخر (٢): ان زفت الى الرجل غير زوجته، وقيل: هذه زوجتك فوطئها يعتقدها زوجته، فلا حد عليه، لا نعلم فيه خلافا.

وان لم يقل له هذه زوجتك أو وجد على فراشه امرأة ظنها امرأته، أو جاريته فوطئها، أو دعا زوجته، أو جاريته فجاءته غيرها، فظنها المدعوة فوطئها، أو اشتبه عليه ذلك لعماه، فلا حد عليه، لأنه وط‍ ء اعتقد اباحته بما يعذر مثله فيه، فأشبه ما لو قيل له: هذه زوجتك، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات وهذه من أعظمها.

فأما ان دعا محرمة عليه فأجابه غيرها، فوطئها يظنها المدعوة، فعليه الحد، سواء كانت المدعوة ممن له فيها شبهة كالجارية المشتركة، أو لم يكن، لأنه لا يعذر بهذا، فأشبه ما لو قتل رجلا يظنه ابنه أو عبده فبان أجنبيا.

وجاء فى كشاف القناع (٣): أنه لو


(١) المرجع السابق ج ١٠ ص ٢٧٨ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ١٠ ص ١٥٥، ١٥٦ الطبعة السابقة.
(٣) كشاف القناع ومنتهى الارادات ج ٤ ص ٥٨ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد ابن حنبل لشيخ الاسلام المحقق أبى النجا شرف الدين موسى الحجاوى المقدسى ج ٤ ص ٢٥٣ الطبعة السابقة.