للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيعين بالقرعة، ثم يبيعه لأنه قد اختلط‍ المستحق بغيره.

ويحتمل أن يقف على المراضاة ولو سلمناه فلأن الجهالة هنا بغير فعله فعفى عنها.

قال وأجود ما يقال فيها: أنهما يبيعان العبدين ويقتسمان الثمن على قيمة العبدين، كما قلنا اذا اختلط‍ زيته بزيت الآخر، وأحدهما أجود من الآخر، انهما يبيعان الزيت، ويقتسمان الثمن على قدر القيمة.

وذكر الشيخ تقى الدين (١) أن مقتضى المذهب أنه اذا شهدت البينتان بالعقدين، أو الاقرارين أو الحكمين، أن يصدق البينتان به ان علم السابق، والا كان بمنزلة أن تشهد بينة واحدة بالعقدين، ولا يعلم السابق منهما، فهنا اما أن يقرع أو يبطل على صاحب اليد.

قال: قياس المذهب فيما اذا اشتبه أسبق عقدى البيع أن يفسخهما، الا اذا تعذر موجب الفسخ من رد الثمن ونحوه، فانه يقرع، لأن من أصلنا: أنه اذا اشتبه المالك بغير المالك أو الملك بغير الملك، فانا نقرع، فاذا أمكن فسخ العقد، ورد كل مال الى صاحبه فهو خير من خطر القرعة.

وجاء فى المغنى (٢): أنه ان اشترى زيتا فخلطه بزيت، أو قمحا فخلطه بما لا يمكن تمييزه منه، سقط‍ حق الرجوع، لأنه لم يجد عين ماله، فلم يكن له الرجوع، كما لو تلفت، ولأن ما يأخذه من غير عين ماله انما يأخذه عوضا عن ماله، فلم يختص به دون الغرماء كما لو تلف ماله.

وجاء فى كشاف القناع (٣): أنه ان اختلط‍ المبيع بكيل ونحوه بغيره، ولم يتميز لم ينفسخ البيع، لبقاء عين المبيع، وهما أى المشترى ومالك ما اختلط‍ به المبيع شريكان فى المختلط‍ بقدر ملكيهما.

وجاء فى الشرح الكبير على المغنى (٤): أنه ليس للمضارب أن يخلط‍ مال المضاربة بماله، فان فعل ولم يتميز ضمنه، لأنه أمانة فهو كالوديعة، فان قال له أعمل برأيك جاز ذلك، لأنه قد يرى الخلط‍ أصلح له، فيدخل فى قوله: اعمل برأيك.

وهكذا القول فى المشاركة به ليس له فعلها الا أن يقول له: أعمل برأيك، فيملكها.

وان مات (٥) المضارب ولم يعرف مال المضاربة فهو دين فى تركته، لأن الأصل بقاء المال فى يده، واختلاطه بجملة التركة


(١) قواعد ابن رجب ج ١ ص ٣٦٤، ص ٣٦٥ الطبعة السابقة.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٤٦٣ ويليه الشرح الكبير على متن المقنع طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٨ هـ‍.
(٣) كشاف القناع وبهامشه منته الارادات ج ٢ ص ٨١ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج ٢ ص ١١٠ الطبعة السابقة.
(٤) الشرح الكبير على المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٥ ص ١٥٤ الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٥ ص ٧٤ الطبعة السابقة.