للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيخرج الحر بالقرعة، لأنه عتق استحقه واحد من جماعة معينين، فكان اخراجه بالقرعة، كما لو أعتقهما فلم يخرج من ثلثه الا أحدهما.

ودليل الحكم فى الأصل حديث عمران ابن الحصين «أن رجلا من الأنصار (١) اعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم النبى صلّى الله عليه وسلم فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا، رواه مسلم وأبو داود، ولأنه تبرع فى مرض موته فأشبه سائر العطايا والصدقات فأما العتق (٢) فى الكفارة فانه لم يستحقه أحدا. انما استحق على المكفر التكفير.

وأما اذا قال اعتقوا عنى عبدا، فان لم يضفه الى عبيده، ولا الى جماعة سواهم، فهو كالمعتق فى الكفارة.

وان قال: اعتقوا أحد عبيدى احتمل أن نقول باخراجه بالقرعة كمسألتنا، واحتمل أن يرجع فيه الى اختيار الورثة.

وأصل الوجهين ما لو وصى لرجل بعبد من عبيده هل يعطى أحدهم بالقرعة أو يرجع الى اختيار الورثة.

والفرق بين مسألتنا وبين هذه المسألة على هذا الوجه، أنه جعل الأمر الى الورثة حيث أمرهم بالاعتاق فكانت الخيرة اليهم وفى مسألتنا لم نجعل لهم من الأمر شيئا فلا يكون لهم خيرة.

وان اعتق غائبا (٣) تعلم حياته وتجئ أخباره صح وأجزأه عن الكفارة كالحاضر.

وان شك فى حياته وانقطع خبره لم يحكم بالأجزاء فيه، لأن الأصل شغل ذمته، ولا تبرأ بالشك، وهذا العبد مشكوك فى وجوده فشك فى اعتاقه، فان قيل: الأصل حياته، قلنا: الا أنه قد علم أن الموت لا بد منه، وقد وجدت دلالة عليه، وهو انقطاع أخباره، فان تبين بعد هذا كونه حيا تبينا صحة عتقه وبراءة الذمة من الكفارة والا فلا.

وجاء فى قواعد ابن رجب (٤): أنه لو اشتبه عبد شخص بعبيد غيره، قال القاضى:

قياس المذهب أنه يعتق عبده الذى يملكه عن واجب وغيره، ثم يقرع بينهم فيخرج عبده بالقرعة.

وفى عمد الأدلة لابن عقيل: لو اختلط‍ عبده بأحرار لم يقرع، ولو اختلط‍ من اعتقه ومن لا يملك عتقه الا باجازة جاز أن يقرع بينهما، لأن القرعة لا تعمل فى آكد التحريمين، وتعمل فى أيسرهما.


(١) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٦ ص ٥٨٠ الطبعة السابقة.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدسى وبهامشه الشرح الكبير للخرقى ج ٦ ص ٥٤١ الطبعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ١١ ص ٢٦٥ الطبعة السابقة.
(٤) من كتاب القواعد لابن رجب الحنبلى فى الفقه الاسلامى ج ١ ص ٣٦٨ الطبعة السابقة.