للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قياس، فاذا دفعت اليهم بعد التعريف لها، ثم جاء صاحبها غرموها له، وانما كان يلزم أن تدفع ابتداء الى أحبارهم لو تحقق أنها لأهل الذمة بيقين لا شك فيه مع أنهم يقولون أن من ديننا أن يكون حكم لقطة أهل ملتنا معروفا الينا، وأما اذا لم يتحقق ذلك فكان القياس أن لا تدفع الى أحبارهم وتكون موقوفة أبدا.

وروى (١) عن المدونة أن من التقط‍ لقيطا فى مدينة الاسلام، أو فى قرية الشرك فى أرض كنيسة أو بيعة وعليه زى أهل الذمة أو المسلمين، وكيف ان كان الذى التقطه فى بعض المواضع مسلم أو ذمى ما حاله، قال: ان التقطه نصرانى فى قرى أهل الاسلام ومواضعهم، فهو مسلم، وان كان فى قرى الشرك وأهل الذمة ومواضعهم، فهو مشرك، وان وجد فى قرية ليس فيها الا اثنان أو ثلاثة من المسلمين، فهو للنصارى، ولا يعرض لهم الا أن يلتقطه هناك مسلم فيجعله على دينه.

وقال ابن الحاجب: يحكم باسلام اللقيط‍ فى قرى الاسلام ومواضعهم، فان كان فى قرى الشرك فمشرك.

وقال أشهب الا أن يلتقطه مسلم، فان لم يكن فيها غير بيتين من المسلمين فمشرك، الا أن يلتقطه مسلم.

وقال أشهب: يحكم باسلامه كحريته للاحتمال.

وسئل (٢) مالك عن رجل دخل حانوت رجل بزاز ليشترى منه ثوبا، ثم خرج منه فاتبعه صاحب الحانوت، فقال: يا أبا عبد الله هذا دينار وجدته فى حانوتى ولم يدخل على اليوم أحد غيرك فعد الرجل، فافتقد دينارا منها أترى أن يأخذه، فقال مالك:

لا أدرى هو أعلم بيقينه أن استيقن أنه ديناره فليأخذه قيل له التاجر يقول لم يدخل على اليوم غيرك وقد افتقد الرجل من نفقته دينارا، قال: أن استيقن أنه له فليأخذه وهذا دليل على أنه لا يأخذه الا ان استيقن أنه له بزيادة على ما ذكره يحصل له بها اليقين أنه له وهذا على سبيل التورع والنهاية فيه أنه اذا لم يعترضه شك فى أنه له فأخذه له سائغ حلال لأن الغالب على ظنه أنه له اذ قد افتقد دينارا ولم يعلم عدد نفقته لساغ له عندى أن يأخذه، لقول صاحب الحانوت أنه لم يدخل على اليوم أحد غيرك، وان كان التورع من أخذه أولى وأحسن.

وكذلك لو قال صاحب الحانوت هذا الدينار وجدته فى مكانك بعد خروجك، ولا أدرى هل هو لك أو لغيرك ممن دخل الحانوت فعد الرجل نفقته فافتقد دينارا.

وأما لو قال هذا الدينار وجدته فى مكانك بعد خروجك، ولا أدرى هل هو لك أو لغيرك ممن دخل الحانوت، والرجل لا يعلم عدد نفقته لما ساغ له أن يأخذه بالشك.


(١) التاج والاكليل للمواق مع مواهب الجليل فى كتاب ج ٦ ص ٨٢ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق للحطاب ج ٦ ص ٧٥ الطبعة السابقة.