للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان وطئا يصح أن يلحق به النسب، وأتت به لمدة يمكن أن يكون من كل واحد منهما، أقرعنا بينهما، فمن خرجت قرعته ألحقناه به، وبه قال على عليه السّلام، وذلك لا جماع الفرقة وأخبارهم، فانهم لا يختلفون فى ذلك، ولا نعتمد فى ذلك على قول القافة، لأن القافة لا حكم لها فى الشرع، لما روى أن العجلانى قذف زوجته بشريك بن السحماء وكانت حاملا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان أتت به على نعت كذا وكذا فما أراه الا أنه قد كذب عليها، وان أتت به على نعت كذا وكذا فهو من شريك بن السحماء فأتت به على النعت المكروه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا الايمان لكان لى ولها شأن، فوجه الدلالة أنه صلّى الله عليه وسلم عرف الشبه، ولم يعلق الحكم به، فلو كان له حكم لكان يعلق الحكم به فيقيم الحد على الزانى، فلما لم يفعل هذا ثبت أن الشبه لا يعلق به حكم.

والدليل على أن الولد لا يلحق برجلين قول الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى} (١)» فلا يخلو أن يكون كل الناس من ذكر وأنثى، أو كل واحد منهم من ذكر وأنثى، فبطل أن يريد كل الناس من ذكر وأنثى لأن كل الناس من ذكر واحد، وهو آدم عليه السّلام خلق وحده، ثم خلق حواء من ضلعه الأيسر، ثم خلق الناس منهما، فاذا بطل هذا ثبت أنه أراد خلق كل واحد من ذكر وأنثى، فمن قال من أنثى وذكرين فقد ترك الآية.

وجاء فى الروضة البهية (٢): أنه لو تداعى بنوة اللقيط‍ اثنان ولا بينة لأحدهما، أو لكل منهما بينة، فالقرعة لأنه من الأمور المشكلة، وهى لكل أمر مشكل، ولا ترجيح لأحدهما بالاسلام، وان كان اللقيط‍ محكوما باسلامه ظاهرا على قول الشيخ فى الخلاف، لعموم الأخبار فيمن تداعوا نسبا لتكافؤهما فى الدعوى.

ورجح فى المبسوط‍ دعوى المسلم، لتأييدها بالحكم باسلام اللقيط‍ على تقديره، ومثله تنازع الحر والعبد مع الحكم بحرية اللقيط‍، ولو كان محكوما بكفره أو رقه اشكل الترجيح، وحيث يحكم به للكافر يحكم بكفره على الأقوى للتبعية، وكذا لا ترجيح بالالتقاط‍، بل الملتقط‍ كغيره فى دعوى نسبه، لجواز أن يكون قد سقط‍ أو نبذه، ثم عاد الى أخذه، ولا ترجيح لليد فى النسب، نعم لو لم يعلم كونه ملتقطا، ولا صرح ببنوته، فادعاه غيره فنازعه، فان قال: هو لقيط‍ وهو ابنى فهو سواء وان قال: هو ابنى


(١) الآية رقم ١٣ من سورة الحجرات.
(٢) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج ٢ ص ٢٤٢ الطبعة السابقة.