ورثته لأن الله تعالى ورث الأحياء من الأموات وهنا لا نعلم حياته عند موت صاحبه، فلم يرث كالجنين اذا خرج ميتا، ولأنا ان ورثنا أحدهما فقط فهو تحكم، ولو ورثنا كلا من صاحبه تيقنا الخطأ، وحينئذ فيقدر فى حق كل أنه لم بخلف الآخر.
ومن أسر، أو فقد وانقطع خبره، ترك ماله حتى تقوم بينة بموته، أو تمضى مدة التعمير من ولادته يغلب على الظن، أو ما نزل منزلته أنه لا يعيش فوقها، ولا تتقدر بشئ على الصحيح، فيجتهد القاضى، ويحكم بموته لأن الأصل بقاء الحياة فلا يورث الا بيقين، ومنه الحكم، لأنه ان استند الى المدة فواضح، أو الى العلم، وان لم تمض مدة فهو منزل منزلة البينة المنزلة منزلة اليقين.
ثم بعد الحكم بموته، يعطى ماله من يرث وقت الحكم بموته، بأن يستمر حيا الى فراغ الحكم، فمن مات قبله أو معه، لم يرثه، ومحل ذلك عند الاطلاق.
فان قيدته البينة، أو قيده هو فى حكم بزمن سابق، اعتبر ذلك الزمن، ومن كان وراثه حينئذ.
ولا تتضمن قسمة الحاكم الحكم بموته الا أن وقعت بعد تنازع ورفع اليه، لأن الأصح أن تصرف الحاكم ليس بحكم، الا فى قضية رفعت اليه، وطلب منه فصلها.
وعلم مما قررناه عدم الاكتفاء بمضى المدة وحدها، بل لا بد معه من الحكم.
ولا ينافى ذلك قولهم: لو انقطع خبر العبد بعد هذه المدة لا تجب فطرته، ولا يجزئ عن الكفارة اتفاقا، ولم يذكروا الحكم، لأن ما هنا أمر كلى يترتب عليه مصالح ومفاسد عامة، فاحتيط له أكثر.
ولو مات من يرثه المفقود كلا أو بعضا قبل الحكم بموته، وقفنا ما خصه من جميع المال ان انفردوا وبعضه ان كان ثم غيره حتى يتبين أنه كان عند الموت حيا أو ميتا.
ولو مات عن أخوين، أحدهما مفقود، وجب وقف نصفه الى الحكم بموته.
ثم اذا لم تظهر حياته فى مدة الوقف يعود كل مال الميت الأول الى الحاضر، وليس لورثة المفقود منه شئ، اذا لا ارث بالشك، لاحتمال موته قبل مورثه ذكره الغزالى وغيره وهو ظاهر وعملنا فى الحاضرين بالأسوأ، فمن يسقطه المفقود لا يعطى شيئا، ومن تنقصه حياته أو موته يعطى اليقين.
ففى زوج مفقود وشقيقتين وعم، يعطيان أربعة من سبعة، ويوقف الباقى.