للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبيان ذلك أن القتل مما لا يتجزأ، واذا اشترك الجماعة فيما لا يحتمل التجزى فأما أن ينعدم أصلا أو يتكامل فى حق كل واحد منهم.

والدليل عليه أن كل واحد منهم لو حلف أن لا يقتله كان حانثا فى يمينه بهذا الفعل (١)

واذا اشترك جماعة من الرجال فى قتل حرة أو أمة فعليهم القصاص كما لو اشتركوا فى قتل رجل حر (٢) وكذلك لو اجتمع نفر من المسلمين على قتل ذمى قتلوا به، لأن الذميين فى حكم القصاص كالمسلمين (٣).

واذا اشترك الرجلان فى قتل رجل أحدهما بعصا، والآخر بحديدة فلا قصاص على واحد منهما هكذا نقل عن ابراهيم، لأن القتل بالعصا لا يصلح أن يكون موجبا للقصاص، لأن القصد به التأديب والآلة آلة التأديب فهو بمنزلة فعل الخاطئ.

والخاطئ والعامد اذا اشتركا فى القتل لم يجب القصاص عليهما، لأنه اختلط‍ الموجب بغير الموجب فى المحل فقد انزهقت الروح عقب فعلين أحدهما ليس بسبب لوجوب العقوبة، ولا يدرى أنه بأى

الفعلين أزهق الروح فتتمكن الشبهة من هذا الوجه، فالقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات، وبعد سقوط‍ القصاص يجب المال فيتوزع عليهما، وليس أحدهما باضافة القتل اليه بأولى من الآخر.

ولا يقال: ينبغى أن يضاف القتل الى فعل من استعمل السلاح فيه، لأن السلاح آلة للقتل دون العصا، لأن الانسان قد يسلم من الجرح بالحديد ويتلف من الضرب بالعصا، فهو بمنزلة ما لو جرحه رجلان أحدهما جراحة واحدة والآخر عشر جراحات، فانه يجعل القتل مضافا اليهما على السواء لهذا المعنى، ثم كل واحد منهما فيما لزمه من نصف الدية يجعل كالمنفرد به، فنصف الدية على صاحب الحديدة فى ماله ونصفها على صاحب العصا على عاقلته، وكذلك لو قتلاه بسلاح وأحدهما صبى أو معتوه فلا قصاص عليهما عندنا (٤)

وأما الأب مع الأجنبى أو المولى مع الأجنبى اذا اشتركا فى قتل الولد أو المملوك فلا قصاص على واحد منهما عندنا (٥) .. ذلك أن قتل الأب أو المولى موجب للدية، فلا يكون موجبا للقصاص كالخاطئ مع العامد اذا اشتركا.

وجاء فى الدر وحاشية ابن عابدين

عليه: ان مات شخص بفعل نفسه وزيد وأسد وحية ضمن زيد ثلث الدية فى


(١) المبسوط‍ ج ٢٦ ص ١٢٨، ١٢٩.
(٢) المبسوط‍ ج ٢٦ ص ١٣١.
(٣) المبسوط‍ ج ٢٦ ص ١٣٥.
(٤) المبسوط‍ ج ٢٦ ص ٩٣.
(٥) المبسوط‍ ج ٢٦ ص ٩٣، ٩٦.